والمضاف إليه لا يحذف كما يحذف التنوين، ولا - أيضًا - تمكن الإضافة مع بقائه، وهذا هو الذي أراد بقوله:
والنصب بعد ما أضيف وجبًا ... إن كان مثل "ملء الأرض ذهبا"
يعني أن ما كان من الأسماء تمامه بالإضافة، فإن نصب التمييز بعده واجب لا يجوز غيره، لأن الإضافة لا تكون إلا بعد حذف ما به التمام، وحذف ما به التمام هنا لا يصح. فإذا قلت: عندي ملء الإناء عسلًا، فملء تام بالمضاف إليه وهو الإناء، فلو حذفته وأضفت إلى التمييز فقلت: لي ملء عسٍل لاختل الكلام، وكذلك: ما في السماء موضع راحٍة سحابًا. و {من يعمل مثال ذرٍة خيرًا يره}. وأتى هو بمثاٍل قرآني وهو قول الله تعالى: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا}. وشرط في وجوب النصب بع الاسم المضاف أن يكون ذلك المضاف مماثلًا لـ (ملء) المذكور في المثال في وصفه، وهو ألا يكون أفعل تفضيٍل على الوصف الذي يذكر، فإن كان المضاف أفعل التفضيل فليس النصب فيه واجبًا مطلقًا؛ بل فيه تفصيل، وهو أنه لا يخلو أن يكون التمييز هو ما ينطلق عليه أفعل من جهة المعنى أو يكون غيره، فإن كان غيره فالنصب بلا بد، وهو المذكور في البيت الآتي على إثر هذا، وإن كان إياه، فمفهوم هذا الكلام أن الوجهين فيه جائزان، وذلك أنه ذكر أن النصب بعد المضاف واجب إن كان مثل كذا أو كان المضاف أفعل تفضيٍل ليس هو التمييز في المعنى، فاقتضى أن ما سوى هذين القسمين لا ينحتم فيه النصب ولا يجب، فدخل له هنا أفعل التفضيل إذا كان هو التمييز في المعنى، فكأنه جعل التمييز من المضاف كالتمييز