فمنفردًا حال ثم وضع موضعه (انفرادًا)، فـ (انفرادًا) مصدرٌ في موضع الحال، ثم وضع موضعه وحدك، فوحدك اسم- لأنه لا فعل له في موضع المصدر الموضوع موضع الحال. وذهب قومٌ إلى أنه مصدرٌ موضوعٌ موضع الحال؛ إذ حكي يوحد وحدًا ووحدةً ووحادةً. وذهب يونس إلى أنه ظرفٌ بمنزله عند، أو منصوبٌ على إسقاط الجار، ولم يأخذ به سيبويه. وما ذهب إليه المؤلف مذهبٌ رابعٌ، فهو عنده اسمٌ جامدٌ حالٌ بنفسه على الظاهر من كلامه في هذه الأحوال المعارف؛ إذ بها مثل مع أنها ليست عند غيره بمنزلةٍ واحدةٍ، بل منها ما هو حالٌ بنفسه، ومنها ما هو مصدرٌ في موضع الحال، ومنها ما هو كوحده اسمٌ في موضع المصدر الذي في موضع الحال؛ ولجعله هذه الأنواع بمنزلة واحدة خلطتها أنا في التمثيل المتقدم كما رأيت، فإن كان الأمر فيها على ظاهر كلامه من أنها أحوال بأنفسها حقيقةً فله وجهٌ من النظر، فإنه قد تقرر أن الجامد من الأسماء يقع حالًا قياسًا إذا كان ذا تأويل غير متكلفٍ، ولا شك أن هذه المعارف كلها يصح فيها التأويل على غير تكلف كما تقدم. فهي إذًا في عداد: بعته يدًا بيد، وكر أسدًا، وما أشبه ذلك، وإنما خالفتها في القلة والكثرة، فقل الحال المعرفة فوقف على محله، وكثر النكرة فقيس، فكما لم يقدر في: يدًا بيدٍ ونحوه أنه اسم في موضع الحال، أو في موضع المصدر الموضوع موضع الحال، فكذلك لا ينبغي أن يقدر هنا لأنه غير محتاج إليه. وإن كان مراده أنها وقعت أحوالًا على الجملة من غير نظر إلى نيابةٍ أو عدمها فصحيحٌ، ويكون موافقًا لغيره