فالجواب: أنه لم يقل هناك أول الحال الجامد بالمشتق إذا أتاك من كلامهم، ولو قال ذلك لكان سماعًا، وإنما عرف المقيس بكونه يسهل تأويله فذلك الذي لا ينافي القياس، وقال هنا: إذا أتاك المعرفة فأوله بالمنكر، ولا تعتقد تعريفه تعريفًا صحيحًا. فهذا ظاهر في أن تعريف الحال لا يصح قياسًا، وأنه لو كان قياسًا لم يحتج إلى تأويله.
والثانية: في وجه اعتقاد التنكير، إذ قد أمر به في قوله: "اعتقد" واعتقاد التنكير قد يكون في ذي الأداة باعتقاد زيادتها، وفي ذي الإضافة باعتقاد كونها غير محضة، وفي ذي العلمية باعتقاد التنكير، وقد يكون بغير ذلك. والذي يشعر به كلامه اعتقاد التنكير من جهة المعنى، لا من جهة اللفظ؛ فإنه قال: "فاعتقد تنكيره معنى" يريد أن تنكيره ليس من جهة اللفظ بأن تقدر اللام زائدة، والإضافة غير محضةٍ، فإن هذا أمرٌ لفظي، بل هو من جهة المعنى؛ لأن معنى وحده: منفردًا، ومعنى ثلاثتهم: جميعًا، وكذلك سائر المثل. وعلى هذا المجرى أجراه النحويون على أن بعضهم أجاز أن تكون الألف واللام فيما هي فيه زائدة، ولكن مثل هذا لا يجري في ذي الإضافة، فالأولي أن يكون التنكير بالتأويل المعنوي كما أشار إليه فهو المطرد.
والثالثة: أنه مثل الحال المعرفة بوحدٍ فدل على أنه عنده حالٌ بنفسه، ويظهر ذلك منه في شرح التسهيل أيضًا. والنحويون في (وحده) مختلفون على ثلاثة أقوال: فمذهب سيبويه والخليل أنه اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، فالأصل في قولك: اجتهد وحدك: اجتهد منفردًا،