زيدًا، كما تقول: قام القوم ما خلا زيدًا، ولأجل هذه المخالفة- والله أعلم- لم يدخلها مع خلا وعدا في الذكر، وإنما لم تلحقها ما؛ لأن الغالب عليها الحرفية، فلم يصلح لها من التصرف أن تدخل عليها ما عند إرادة الفعلية لندور ذلك، ثم حكى في حاشا ثلاث لغات: إحداها: ما بدأ به وهي حاشا على وزن ماشى، وهي الشهيرة، والثانية: حاش على وزن عاش، والثالثة: حشى على وزن مشى، ومنها ما جاء في قوله الشاعر:
حشا رهط النبي فإن منهم ... بحورًا لا تكدرها الدلاء
وقوله: "فاحفظهما" تنبيه على قتلهما، وأنهما من المحفوظ القليل الاستعمال، وإنما المستعمل ما قدم. وهناك ثلاث مسائل:
إحداها: أنه أطلق القول في جواز الوجهين في خلا وعدا وحاشا من غير أن اعتنى بترجيح أحد الوجهين على الآخر. وقد أتى بالترجيح غيره؛ فإن الحرفية أغلب على حاشا، والفعلية أغلب على عدا. وأما خلا ففيها خلافٌ، فعند سيبويه أن النصب هو المختار، وعكس الأخفش فجعل الجر هو المختار، وكلاهما مدرعٍ أن السماع كذلك، وكأن الناظم مائلٌ إلى رأي الأخفش، ألا ترى أنه قال: "وكخلا حاشا" والمعلوم في حاشى أن الجر هو الشهير المختار، وهو قد شبهها بخلا دون عدا، فدل على قصده لاختيار الجر فيها. والله أعلم.
والثانية: أن حاشا التي تكلم عليها هنا هي التي تفيد الاستثناء كما تفيده إلا،