ولم يتعرض لغير ذلك، فإن حاشا لها استعمالان: أحدهما في الاستثناء، وقد تقدم. والآخر أن تستعمل استعمال المصادر الموضوعة لإنشاء أمرٍ من تنزيه أو دعاء أو غير ذلك، وهي التي تستعمل باللام فتقول: حاشا لزيد وحاشا لله، وتقول: حاشا الله وحاشا زيدٍ، فالأول مثل تنزيهًا لله، والثاني مثل: سبحان الله. كما أن خلا وعدا لهما استعمالان أيضًا: أحدهما: في الاستثناء، والآخر كسائر الأفعال المتصرفة من خلا يخلو وعدا يعدو.
والثالثة: أنه قال في حاشا: "ولا تصحب ما" وذلك مشكل مع أنه قد حكى في الشرح في بعض الأحاديث: "أسامة أحب الناس إلي ما حاشى فاطمة" ونبه عليه في التسهيل، فكيف يقول هنا: "ولا تصحب ما".
والجواب: أنه أراد لا تصحب ما قياسًا، وسكت عن السماع الآتي، فلم ينفه ولا أثبته، ولو أراد نفي السماع لقال: ولم تأت بما، أو لم ترد بما، أو ما أشبه ذلك، فعبارته بينة لا إشكال فيها. والله أعلم.