العاطفة أن تكون مؤكدة لثبوت الحكم الأول، وهي هنا مبينة أن المجرور به ليس بزيد ولا عمرو، ولو جاز أن تكون هنا عاطفة لجاز: مررت برجلٍ لا زيد، كما تقول: مررت بزيدٍ لا عمرو، فلزوم التكرار دليل على أنها غير عاطفة.
والتاسعة: أنه ذكر اختيار الإتباع، ولم يصرح بمقابله، والذي يقابله النصب على الاستثناء.
فإن قيل: من أين يؤخذ له هذا.
قيل: من حكم القسم المقابل؛ إذ كان قد حكم عليه بالنصب في قوله: "ما استثنت إلا عن تمام ينتصب" فجعل النصب فيه حتمًا، ثم اختار في هذا القسم الإتباع فدل على أن غيره هو النصب المذكور، فكأنه قال: يتحتم النصب في الإيجاب، ولا يتحتم في النفي، وإذا لم يتحتم فلا بد من وجه آخر فعينه، وجعله المختار، فصار النصب المذكور فيه غير مختار. ويمكن أن يكون النصب في كلامه منصوصًا عليه على طريقة أخرى من التفسير في قوله: "ما استثنيت إلا" إلا آخره، وهو أن يكون معناه أن ما بعد إلا حكمه النصب على الإطلاق كان موجبًا أو منفيًا، وهذا على الجملة ثم استثنى المنفي، وما أشبهه، فأثبت له على المختار حكمًا آخر، وهو الإتباع، فبقي غير المختار داخلًا تحت الإطلاق المتقدم وهو النصب.
وإتباع: مفعول بانتحب. و (بعد) المتقدم متعلق به. وقوله: "ما اتصل" يعني من الاستثناء، والانتخاب: الاختيار، ورجل نخبة، والجمع نخب، كرطبةٍ ورطب، يقال: جاء في نخب أصحابه، أي: في خيارهم. وقوله: