والثامنة: أن الإتباع هنا لم يقيده الناظم اتكالًا على تفهيم المعلم، وخروجًا عن تعيين أمرٍ مختلفٍ فيه، فإن البصريين يقولون: إنه إتباع على البدل ومذهب الكوفيين أنه على العطف. وعلى أنه قد يؤخر له أنه على البدل من نصه عليه في الاستثناء المنقطع بقوله: "وعن تميم فيه إبدال وقع"، إذ هو الإتباع ههنا، فلو كان مذهبه أنه ليس على البدل لنص على العطف؛ إذ الإتباع في الجميع إما إبدالٌ وإما عطفٌ. وقد تقدم أنه لم يتعرض هنا لحكم النعت، فلا يدخل له تحت قوله: "إتباعُ ما اتصل"؛ إذ لو دخل له لكان الإتباع على النعت عنده راجحًا كالبدل، وليس كذلك. وعلى الجملة فالأصح مذهب الناظم؛ إذ هو على حقيقة البدل من صحة وقوعه موقع المبدل منه على حكم الاستقلال، وإلغاء الأول. وأيضًا فإن إلا لم يثبت أن تكون عاطفةً بعد فكيف يبنى على ما لم يثبت. قال ثعلب: كيف يكون بدلًا، والأول منفي، وما بعد إلا موجب. وأجاب السيرافي بأنه لا يخرجهما اختلافهما عن حقيقة البدلية؛ لأن معنى البدل أن تقدر الأول كأنه لم يذكر، وتقدر الثاني في موضعه. قال: "وقد يقع في العطف والصفة ما يكون الأول فيه موجبًا، والثاني منفيًا، نحو: جاءني زيد لا عمرو- كمسألتنا- وفي الصفة: مررت برجلٍ لا كريمٍ ولا لبيبٍ". قال ابن الضائع: كان الأول أن يجيء بهذا في البدل ألا ترى أنك تقول: مررت برجل لا زيدٍ ولا عمروٍ هذا بدل، وليس بعطفٍ؛ لأن من شرط لا