لأن الذي قبله واحد، وذلك لا يجوز البتة، بل الواجب النصب؛ لأنه قد صار موجبًا بدخول إلا الأولى. قال ابن خروف: لا يراعي في الباب إلا كون الثاني بعض الأول موافقًا له في الإعراب.
والسادسة: أنه يشترط [في] هذا الحكم المذكور كون المستثنى مؤخرًا عن المستثنى منه، وذلك مستفادٌ من كلامه من موضعين:
أحدهما: قوله: "انتخب إتباع ما اتصل"، والاتباع لا يتصور إلا كذلك، فإتباع ما اتصل هو إتباع المستثنى المتصل، وإتباعه أن يجعل تابعًا، والتابع شأنه أن يتبع ما قبله لا ما بعده.
والثاني: أنه قد بين على إثر هذا حكم المستثنى إذا تقدم المستثنى منه وقرره على خلاف هذا الحكم، فدل على أنه هنا ليس بمقدم. وهذا ظاهر.
والسابعة: أنه أطلق القول في الإتباع ولم يبين هل يكون على اللفظ أو على الموضع، أو عليهما. وكان من حقه ذلك كما فعل في باب المصدر الموصول وغيره، فإن الإتباع قد يكون على اللفظ خاصة، وهو بين. وقد يكون على الموضع خاصة، وذلك أن يكون ما قبل إلا مجرورًا بمن الزائدة، كقولك: ما جاءني من أحد إلا زيدٌ، فالرفع هنا لازمٌ، وقولك: ما رأيت من أحدٍ إلا زيدًا، النصب واجبٌ، وكذلك المجرور بالباء الزائدة، نحو: ليس زيدٌ بشيءٍ إلا شيئًا لا يعبأ به، وكذلك اسم لا الجنسية لا يتبع إلا على الموضع خاصة كقولك: لا إله إلا الله، ولا عالم إلا زيد، لا يجوز هنا النصب على لفظ لا أصلًا.