عند بني تميم بأن يطلق الأول على ما بعد إلا، فيشمل المستثنى منه والمستثنى معًا مجازًا، فيكون المستثنى في المنقطع على هذا إخراجًا من الجنس، أو على النحو الآخر. ولكن هذا الجواب غير مخلص، إذ لا يطرد ذلك في جميع مسائل الاستثناء المنقطع. ويمكن على بعدٍ أن يكون جاريًا في ذلك على مذهب الفراء الذي يجعل الاستثناء من العامل لا من الاسم، فإذا قلت: ما رأيت أحدًا إلا حمارًا، فالحمار مستثنى من الرؤية لا من أحد، فعلى هذا يكون قوله: "ما استثنت إلا" واقعًا على القسمين تحقيقًا، لكنه لم يعرج عليه في غير هذا الكتاب، فيبعد أن يقصد إليه لاسيما، وهو مشكل في نفسه.
والأولى في الجواب- والله أعلم-: أن يكون أراد ما وقع بعد أداة الاستثناء منصوبًا لا أنه يريد ما أخرج بإلا.
والثالثة: أنه عين إلا في أول كلامه ولم يقصد غيرها إلا بعد ما قرر أكثر أحكام الباب بها لأنها أم الباب لا معنى لها في الأصل إلا الاستثناء وإنما يدخلها غيره بالعرض حملًا على ما هو الأصل في غيرها، (فغيرُ أصلها الوصف، وإنما دخلت في الباب لعروض معنى إلا، وكذلك سوى، وغيرها من الأدوات، وأيضًا فإن الاستثناء بها مطرد بخلاف غيرها).
والرابعة: أنه أطلق القول في الانتصاب هنا مع أن غير النصب جائز، وذلك في الاستثناء المتصل؛ فإنك إذا قلت: قام القوم إلا زيدًا جاز لك أن تقول: إلا زيدٌ بالرفع، فيجري صفةً على الأول حملًا على غير؛ إذ كان أصلها الصفة، وكذلك تقول: مررت بالقوم إلا زيدٍ، ومن كلامهم: لو كان معنا أحدٌ إلا زيدٌ