هديرٌ هديرُ الثور ينفض رأسه ... يذب بروقيه الكلاب الضواريا
قال سيبويه: "فإنما انتصب هذا لأنك مررت في حال تصويب، ولم ترد أن تجعل الآخر صفة للأول، ولا بدلا منه، ولكنك لما قلت: له صوت علم أنه كان قد تم عمل، فصار قولك له صوت بمنزلة قولك: فإذا هو يصوت، فحملت الثاني يعني -صوت حمار- على المعنى".
والثاني: ما شارك المثال في احتواء الجملة على ذكر الفعل، وإن لم يذكر الفاعل، فكأن ذكر الفاعل في المثال غير مقصود في الاشتراط، فيدخل نحو: فيها صوتٌ صوتَ الحمار، وفيها نوحٌ نوحَ حمام، وفيها صراخٌ صراخَ الثكلى، وأنشد سيبويه عن يونس لروبة بن العجاج:
*فيها ازدهافٌ أيما ازدهاف*
ينصب أيما، وهذا وإن لم يكن مصدر تشبيه فهو مثله في الحكم، ولا يضرنا كون النصب في هذا الموضع قليلا بخلاف الأول؛ إذ المقصود ذكر النصب على المصدر كيف يكون، وكونه قليلا أو كثيرا شيء آخر لم يتعرض إليه الناظم، لأن هذا المصدر المشبه به في هذه المسائل له في النصب والرفع حكم مختلف، فتارة يقوي النصب، وتارة يضعف بحسب ما يقتضيه الكلام، وليس النظر في ذلك من مسائل هذا النظم، وإنما النظر فيما ينتصب على أي وجه ينتصب، وما حكم عامله من الحذف أو الإظهار. والله أعلم.