وعدمه بدليل وجود ذلك مع الاستفهام حسب ما نصوا عليه. ويمكن أن يعتذر عنه بأن التكرار يلزم معه قصد الإخبار بالعمل المتصل الذي هو علة لزوم الإضمار بخلاف ما إذا لم يكن تكرار، فإنه قد يُقصد وقد لا يُقصد، فإذا قُصد لزم الإضمار، وإذا لم يقصد لم يلزم، فإذا قد حصل مع عدم التكرار جواز الإظهار على الجملة، أعني من غير نظر إلى تفصيل القصدين، ولا نكر في ذلك فقد يطلقون القول بجواز أمرين في المسألة، وذلك بحسب قصدين لا يدخل أحدهما على الآخر، وعلى هذا يتعين في كلامه التفسير الثاني من التفسيرين المتقدمين من أن قوله: "كذا مكرر"، غير مقيد بما بعده من قوله: "نائب فعل" إلى آخره؛ إذ لا يجوز فيه الإظهار إذا كان نائبا عن الفعل كان مكررا أو غير مكرر، وأيضا فقيد النيابة بالنسبة إلى المكرر لا يحتاج إليه؛ إذ ليس فيه غير النيابة، وهو محتاج إليه بالنسبة إلى المحصور حسب ما يذكر بحول الله. وقد تم الكلام على المكرر.
وأما المحصور فقال فيه: "وذو حصر" أي كذا ذو حصر، يعني أنه يلزم إضمار عامله إذا قُرِن بأداة حصر، نحو: إنما أنت سيرا، وما أنت إلا سيرا لكن بشرطين: أحدهما: أن يكون نائبا عن فعله، وإنما يظهر ذلك بقصد القاصد، والقصد في ذلك أن يؤتى به على معنى الإخبار بالعمل المتصل في الحال لا أن يخبر بعمل قد كان أو سيكون، فلو لم يقصد النيابة، وذلك بأن يراد الإخبار عن عمل قد مضى أو سيأتي بعد فلا يلزم الإضمار فتقول: إنما أنت شرب الإبل، وما أنت إلا سير البريد، وإن شئت أظهرت فقلت: إنما أنت تسير سير البريد، وإنما أنت تشرب شرب الإبل، ويبقى قولك: إنما أنت سيرا بمقتضى كلامه أولا غير جائز، لأنه مصدر مؤكد، ولا يحذف عامل المؤكد بل يلزم إظهاره، فنقول: إنما أنت تسير سيراً.