وإذا قلت: أنت سيرا، فأجهزت إظهار الفعل وعدم إظهاره فهو إقرار بجواز حذف عامل المؤكد فكان كلامه متناقضا، أعني مفهوم هذا الموضع مع منطوق ما تقدَّم.

والثاني: أن اشتراط التكرار في نحو: أنت سير البريد، وزيد سيرا، لم أره منصوصا لسيبويه، ولا لغيره، بل يطلقون القول بلزوم الإضمار من غير إعلام بلزوم التكرار، وإنما غاية ما عندهم في ذلك أن تمثيلهم يغلب عليه ذلك، ولكن ليس عدم التكرار بمهجور بل قد مثلوا بعدم التكرار مع الاستفهام نحو قولهم: أنت سيرًا؟ ولا فرق في هذا بين الاستفهام والخبر، فالحاصل أن هذا الشرط بالنسبة إلى ما يكون خبرا عن اسم عين غير محرر ولا مسلم.

والجواب عن الأول: أنه لا تناقض في كلامه بل إن ثبت اشتراط التكرار فعدمه مجوز لإظهار العامل لكن في المصدر المبين، وهو الذي يجوز حذف عامله عنده، وأما المؤكد فلا يدخل لأنه مستثنى بنصه قبل، فعلى هذا تقول: أنت سير الأحمق، وأنت السير، وأنت سيرتين، وأنت سيرا شديدا، وإن شئت أظهرت فقلت: أنت تسير سير الأحمق، وأنت تسير السير، وأنت تسير سيرتين، وأنت تسير سيرا شديدا، وتقول في المؤكد: أنت تسير سيرا فتظهر لا غير، وغاية ما في كلامه هنا أن غير المكرر لا يلزم إضماره، فيبقى المفهوم بالنسبة إلى المبين جاريا على معنى عدم اللزوم، وهو الجواز بالنسبة إلى المؤكد معطلا بما تقدم فيه.

وأما الثاني فيظهر وروده؛ لأن علة لزوم الإضمار في هذا النوع إنما هي قصد الإخبار بالعمل المتصل [في] الحال، وذلك يكون مقصودا مع التكرار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015