من اللفظين بالفعل فأغني عنه، وصار بمنزلة: إياك، النائب عن الفعل كما كانت المصادر كذلك كـ: الحذر، ونحوه، وقد زعم ابن خروف أن المُراعى في لزوم الإضمار كثرة الاستعمال سواء أكرر أم لم يكرر، قال ابن الضائع: والسيرافي أضبط في مثل هذا، فإذا ثبت هذا اقتضى قيد التكرار أن المصدر إن لم يتكرر لم يلزم إضمار فعله، فتقول: الحذر يا زيد، وإن شئت أظهرت فقلت: احذر الحذر، وتقول: سير البريد على تقدير: سر سير البريد، وإن شئت أظهرته. واقتضى عدم اشتراط إسناد العامل إلى اسم عين أن يجوز نحو: أملك نقصا نقصا، وحرصك زيادة زيادة، على لزوم إضمار العامل، ووجهه أن جريان القياس هنا لا مانع منه بعد تسليم القياس في نحو: أنت سيرا سيرا؛ إذ العلة في الجواز ليست إسناده إلى اسم عين، بل قصد الإخبار بالعمل المتصل الحالي كما قال سيبويه وغيره، وهو موجود في الأمثلة المذكورة، فكأن الناظم على هذا التفسير يقول: إذا تكرر المصدر المنصوب فذلك التكرار مانع من إظهار ناصب. وهي طريقة تفسير كلامه جارية، إلا أن في ذلك نظرا من وجهين:
الأول: أنه يقتضي أنه إذا لم يتكرر لم يلزم إضمار عامله وإن استند إلى اسم عين نحو: أنت سير البريد، وزيد شُرْب الإبل، وزيد سيرا، وما أشبه ذلك، فتقول: إن شئت: زيد يسير سير البريد، وزيد يسير سيرا، وهذا هو الذي نص عليه في الشرح إذ قال: "ولو عُدِم الحصر والتكرار، لم يلزم الإضمار، بل يكون جائزا هو والإظهار" وهذا قد يسلم مع المصدر المبين وأما مع المؤكد فقد قال قبل:
*وحذف عامل المؤكد امتنع*