مع القول بالقياس منع مثل هذا.
والجواب عن ذلك: أن يقال لعل الناظم اقتصر على القياس في محل السماع، ولم يأت هذا النوع إلا في الإخبار عن العين، وكثير من هذه المصادر جاءت سماعا، فكأنما تحرى القياس [حيث] كثر في كلام العرب مثله وامتنع منه حيث عدم السماع أو ندر، ويحتمل كلامه في المكرر تفسيرا آخر، وهو أن يكون قوله: "كذا مكرر" جملة تامة لم يتقيد مصدرها إلا بالتكرار، وأما كون ذلك المصدر مستندا لاسم عين فغير لازم، فكأنه يقول: يلزم أيضا حذف عامل المصدر إذا كان مكررا، ويدل على هذا الوجه إفراده (نائب فعل) ولم يقل نائبي فعل؛ لأنه راجع إلى أقرب مذكور، وهو المحصور فيشمل إذا ما تقدم ذكره في التفسير الأول، ويشمل أيضا المصادر التي تجيء مثناة في الأمر، كقولهم: الحذر الحذر، والنجاء النجاء، وضربا ضربا، والقتال القتال، وسيرا سيرا، وكذلك تقول: اللهم غفرانا غفرانا وما أشبه ذلك، وفي كلام سيبويه ما يدل على صحة هذا، وأن التكرار كالعوض من إظهار الفعل حيث قال: "ولو قلت رأسك أو نفسك أو الجدار كان إظهار الفعل جائزا". ونص السيرافي على صحة ذلك، وأنك إذا أثنيت هذه الأشياء لم تذكر الفعل معها، وإذا وحدتها حسن ذكر الفعل، لو قلت: الليل الليل، لم يحسن أن تقول: بادر الليل الليل، وإذا قلت: الليل، حسن أن تقول: بادر الليل، قال: وكذلك الاسمان المعطوف أحدهما على الآخر لا يذكر الفعل قبلهما، ولو أفردت أحدهما لحسن ذكره، لو قلت: اتق رأسك، واتق الجدار جاز، وقد قبح التكرار فكأنهم شبهوا الأول