ترتع ما رتعت حتى إذا ادَّكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار
وأيضا إن المعنى على الإخبار بالعمل المتصل في الحال، ولم ترد أن تجعل الآخر هو الأول، وإن كان مجازا بل قصدت حين قلت: أنا سيرا سيرا أنك في حال سير كثير، وعمل متصل، بخلاف قولك: سيرك سير حسن، فإن الآخر فيه هو الأول كـ"زيد أخوك"، فلا داعية إلى النصب. على هذا المعنى تقول: زيد سير، قال سيبويه: "واعلم أن السير إذا كنت تخبر عنه في هذا الباب فإنما تخبر بسير متصل بعضه ببعض في أي الأحوال كان". قال: "وأما قولك: أنت سير فإنما جعلته خبرا لأنت، ولم تضمر فعلا" ويريد أن ذلك مجاز، وهذا التفسير هو الأظهر إلا أنه معترض من وجهين:
أحدهما: أنه كان حقه إذا أن نقول: نائبي فعل حين كان يرجع إلى المكرر والمحصور، وقد تقدم الجواب عنه.
والثاني: أن عامل المكرر إذا كان خبرا لاسم معنى فلا يقع المصدر نائبا عنه، أو لا يلزم حذفه. وهذا على فرض جريان القياس في هذا الباب مشكل؛ فإنه يقتضي منع قولك: أملك نقصا نقصا، بمعنى أنه في حال نقص متصل، وحرصك ذهابا ذهابا، وشغلك زيادة زيادة، وما أشبه ذلك، وهو غير ممتنع؛ لأنه موازن لقولك: أنت سيرا سيرا، والتقدير: أنت تسير سيرا، فكذلك التقدير هنا: أملك ينقص نقصا، وحرصك يذهب ذهابا، وشغلك يزيد زيادة ومعنى الجميع اتصال العمل وكثرته في الحال، فلا يستقيم