ثم يحتمل أن يكون أراد تقييده بقوله: "لاسم عين استند"، فيريد أن المكرر يلزم إضمار ناصبه حيث وقع مستندا لاسم عين. وهذا هو الذي نصَّ عليه في التسهيل بقوله: "أو نائبا عن خبر اسم عين بتكرير أو حُصر" فيكون قوله: "لاسم عين استند" في موضع الصفة لفعل، وقوله: "نائب فعل" حالًا من المكرر وذي الحصر معًا، وأفرده وكان حقه أن يقول نائبي فعل لكن اعتبر جنس المصدر، ولم يعتبر ما ذكر من نوعية أو على اعتبار معنى ما ذكر كما قال:

فيها خطوط من سواد وبلق ... كأنه في الجلد توليع البهق

فكأنه قال ويلزم إضمار عامل المصدر إذا وقع ذلك العامل خبرا عن اسم عين وكان المصدر مكررا في الذكر، ومثال ذلك: زيد سيرا سيرا، وأنت سيرا سيرا، وإن زيدًا سيرا سيرا، وليت زيدا سيرا سيرا. وكذلك تقول في كأن، ولكن، ولعل، وكان، وما أشبه ذلك. ومن أمثلة سيبويه: كان عبد الله الدهر سيرا سيرا، وأنت منذ اليوم سيرا سيرا، وكأنه إنما قيده بالتكرار تحرزا من قولك: سيرا، فإنه لا يلزم إضمار عامله؛ لأن العرب جعلت تكراره عوضا من إظهار العامل، فكان الإتيان به جمعا بين العوض والمعوض عنه. وقيده بكون عامله خبرا عن اسم عين، لأن النصب هنالك أبين؛ إذ الرفع إنما يصلح على التأويل، لأنه لا يخبر عن العين بالمعنى في محصول الكلام إلا على مجاز كقول الخنساء -أنشده سيبويه-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015