فيه، وأنه لا يكون غير ذلك، فلا يكون العامل فيه صفة مشبَّهة باسم الفاعل، ولا أفعل التفضيل، ولا معنى ظرفٍ ولا مجرور، ولا غير ذلك من الألفاظ التي تؤدي معاني الأفعال، ولا تُحْرِزُ ألفاظها؛ ولذلك لا تقول: زيدٌ حسنٌ حُسنًا، ولا زيدٌ أقومُ منك قيامًا، ولا زيدٌ في الدار استقرارًا، ولا زيدٌ عندك ثبوتًا، ولا هذا زيدٌ تنبيهًا، ولا ما أشبه ذلك؛ لأنّ أصل المصدر التوكيد لفعله الذي اشتُقَّ منه، أو ما جرى مجراه، وهو اسم الفاعل؛ إذ هو جارٍ على الفعل في لفظه، ومعناه، وعمله، كما سيأتي في موضعه إن شاء الله، فإذا ذُكر اسمُ الفاعل أو المصدر النائب عن الفعل فكأنَّ الفعل موجود بلفظه، ومعناه، وكذلك مع اسم المفعول، وأمثلة المبالغة. وأيضًا فالفعل يقتضي العلاج ومصدره مؤكدٌ لذلك المعنى، فما كان معنى العلاج فيه متناسًى ومطرحًا كالصفة المشبهة وأفعل التفضيل لا يصحُّ أن يؤكَّد بالمصدر، فلا يصح أن ينصبه، ولا أن يعمل فيه، إذ لا يطلبه. وإذا ثبت هذا صحَّ أنَّ العامل في المصدر في جميع المسائل الآتية بعد في: ضربًا زيدًا، وقوله: {فأمَّا مَنًّا بعد} وزيدًا سيْرًا سيْرًا، وإنما أنت سيْرًا وله على ألفٌ عُرْفًا، وابني أنت حقًّا، وله صوتٌ صوتَ حمار [فعل مضمر]، وقد بيَّن هو ذلك حيث جعلها منصوبة على إضمار الفعل، وسيأتي بحول الله.
وبعد فعلى الناظم هنا درك من وجهين:
أحدهما: أنه أطلق القول في العامل في المصدر فلم يقيّده بكونه من لفظه حسب ما يأتي، وهو قيدٌ لا بُدَّ منه لأن نصب المصدر من حيث هو مصدر