مؤكّدًا والآخر مبيّنًا، ورُدَّ عليه بأن الفعل إنما يطلُبُ المؤكِّدَ، وإذا عمِلَ في المبيّن فقد تضمّن العمل في المؤكّد؛ لأنَّ قولك: ضربتُ زيدًا ضربًا شديدًا، يعطي من التأكيد ما يعطيه المؤكد وزيادة، فلا يعمل في المبيّن إلا عند عدم المؤكّد، أو يُؤتى به بدلًا منه كضربتُه ضرْبًا ضرْبتين.
فإن قلت: فقد جاء في القرآن: {كلا إذا دُكَّت الأرضُ دكًّا دكًّا}.
قيل: هذا ليس من ذلك وإنّما هو على معنى: دكًّا بعد دكٍّ، وبذلك يرجع إلى معنى لفظ واحد، ومصدر واحد ومنه: {وجاء ربك والملك صفًّا صفًّا}، ومثل ذلك قولهم: عملت حسابه بابًا بابًا، فليس من باب العمل في مصدرين، فقد ظهر أنّ الفعل لا يصحّ أن يعمل في مصدرين وإذا كان كذلك فقولك: ضربًا زيدًا ضربًا شديدًا لا يصح أن يعمل في المصدر المبيّن الفعل المقدّر، وإنما العامل فيه المصدر النائب. ومن النحويين من زعم أن الفعل المقدر هو العامل؛ لأنك إذا قلت: ضربًا زيدًا، فتقديره: اضرب ضربًا زيدًا، فضربًا منصوب بالمضمر، فينبغي أن ينتصبَ زيدٌ به أيضًا، وجرت عادتهم أن يقولوا هو منصوب بالضرب على التوسّع لما ناب عن الفعل الذي هو عاملٌ فيه، فإذا كان كذلك كان (ندل) من قول الشاعر: "ندل الثعالب" منصوبًا أيضًا بالنائب. وهذا خلاف القول الأول، وليس بالوجه، والأصح هو الأول.
والثاني: أن قوله: "بمثله أو فعل أو وصف نُصِب" يقتضي حصر العامل