لخلص من ذلك التوهم. وما اعترض به يظهر لزومه، لأنه قال: "بل حذفه الزم إن يكن غير خبر" فدخل له المبتدأ في وجوب الحذف، وهو المفعول الأول في ظن، ولا محالة أن الأول كالثاني، فإن وجب التأخير في الثاني ظهر وجوبه في الأول فتقول، ظننت منطلقة وظننتني منطلقًا هندٌ إياها، وهو تمثيل ابن الناظم، فإياها مفعول ظننت الأول. وهذه المسألة لا أعلم من نبه عليها، وإنما يذكرها الناس في الغالب مع الخبر وحده.
والجواب عن الأول: أنك إذا قلت: أعطيته وأعطانيه زيدًا درهمًا، فإن كان الدرهم الأول هو الثاني فالضمير كما قال، لأن العاملين تنازعا معمولًا واحدًا، وهو الدرهم. وإن لم يكن إياه فللمسألة نظران، أحدهما: أن نعتقد المباينة تحقيقًا، فلا بد في هذا الموضع من الإظهار، إذ لم يتنازع العاملان معًا الدرهم المتأخر، فتقول إذًا: أعطيت درهمًا وأعطاني زيدٌ درهمًا، ومثله إذا قلت: أعطاني وأعطيته درهمًا وزيدٌ درهمًا؛ إذ لا فرق بين ذلك وبين أن تعوّض من الدرهم الأول ثوبًا، فتقول: أعطيت ثوبًا وأعطاني زيدٌ درهمًا، وأعطاني وأعطيته ثوبًا زيدٌ درهمًا، فيصير التنازع في زيد وحده لا في الدرهم، وهو إنما قال: "واعمل المهمل في ضمير ما تنازعاه".
والثاني: أن لا تعتقد المباينة بل يعد الثاني كأنه الأول لما كان مشاركًا له في اللفظ والمعنى الاشتقاقي، فهو بهذا اللحظ متنازع فيه، فلا بد عند هذا التقدير من الإتيان بالضمير، فتقول: أعطيت وأعطانيه زيدًا درهمًا، وإن تباينا في نفس الأمر؛ لأنهما في حكم الواحد اعتقادًا مجازيًا، فكلامه منزل، بحسب الاعتقاد