هو نظير لما عاد عليه ومفسر له؛ فلذلك كان الإظهار الأصل، وعند ذلك لم يكن المهمل عاملًا في ضمير المتنازع فيه، وكذلك إذا قلت: ظننت وظنني إياه زيدًا قائمًا، فالإضمار هنا على خلاف الأصل، والأصل أن يقال: ظننت وظنني قائمًا زيدًا قائمًا؛ لأن قائمًا الأول خلاف الثاني إلا أن اللفظ واحد فجاز الإضمار اعتبارًا بالصورة، فالحاصل أن قوله: "واعمل المهمل في ضمير ما تنازعاه" ليس على إطلاقه في كل موضع، وكذلك ما بني عليه من مسائل الضمير، ومثل ذلك لو قلت: ظنني وظننت قائمًا زيد قائمًا، وإضماره على خلاف الأصل، وكذلك تقول: أعطاني وأعطيته درهمًا زيدٌ درهمًا. هذا هو الأصل، ويجوز الإضمار فتقول: أعطاني وأعطيته إياه زيدٌ درهمًا. هذا إن كان الدرهم الأول غير الثاني، فإن كان إياه فالإضمار خاصة. وإذا تقرر هذا أشكل أيضًا تأخيره للضمير إذا كان خبرًا، فإنه في باب ظن مغاير لمفسره فالأصل إذًا أن يكون في موضعه ظاهرًا، فتقول: ظنني قائمًا وظننت زيدًا قائمًا، فالتزامه الإتيان بالضمير وتأخيره من غير حاجة في غاية الإشكال.
والوجه الثاني: أن هذا البيت الذي فرغ من شرحه يوهم أن ضمير المتنازع فيه إذا كان مفعولًا في باب ظن يجب حذفه إذا كان المفعول الأول، ويجب تأخيره إذا كان المفعول الثاني، وفيما قال نظر. قال ابنه في الشرح: "ليس كذلك بل لا فرق بين المفعولين في امتناع الحذف، ولزوم التأخير" قال: "ولو قال بدله:
واحذفه إن لم يك مفعول حسب ... وإن يكن ذاك فأخره تصب