قلت: أعطيت وأعطاني درهمًا زيد درهمًا، فكان جائزًا على وجه، وممتنعًا على وجه آخر، فإن اعتقدت أن الدرهم الأول هو الثاني، فهنا لا يؤتى بالدرهم إلا مضمرًا؛ لأن إظهاره يعطي الغيرية، ويتنزل على هذا كلامه. وإن كان الدرهم الأول غير الثاني، فالأصل الإظهار لأن الإضمار يفهم اتحادهما، وقد فرضنا تعددهما، لكن أجاز الزجاجي وغيره الإضمار فتقول: أعطيت وأعطانيه، أو وأعطاني إياه، زيدًا درهمًا؛ إذ قد يعود الضمير على نظير الأول، لأن الأول يدل عليه؛ ولذلك يقال إنه عائد عليه، وهو من كلام العرب إلا ترى أنك تقول: عندي درهم ونصفه، وفي التنزيل: {وما يعمر من معمرٍ ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} وأنشدوا على ذلك:
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب
وقال النابغة الذبياني:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد
فجميع هذا لا يعود فيه الضمير على الأول حقيقة، وإنما يعود عليه من حيث