الألف في يحسنان، والثاني لإهمال الثاني وهو قوله: "وقد بغي واعتديا عبداك" "فعبداك" متنازع فيه، والمعمل فيه هو الأول، فبقي الثاني مهملًا، فعمل في ضميره وهو الألف في (اعتديا).

وفي هذا التمثيل قيد وتنكيت. أما القيد فهو أنه لما قال: "واعمل المهمل في ضمير ما تنازعاه" حصلت العبارة مطلقة يظهر منها التزام إعمال المهمل كان طالبًا للضمير بالنصب أو الرفع، وليس الحكم كذلك بل فيه تفصيل ونظر سيأتي ذكره، فقيد الكلام بما إذا كان المهمل طالبًا له بالرفع؛ إذ لا بد فيه من الإعمال في الضمير؛ لئلا يبقى الفعل دون فاعل. وأما التنكيت فإنه حتم بإعمال المهمل في الضمير وأن ذلك مقول ومعمول به فأشعر بعدم ارتضائه لمذهبي الكسائي والفراء؛ فإن الكسائي يقول: إذا أهمل الأول وكان طالبًا للمتنازع فيه بالرفع فإنه لا يعمل في ضميره بل يهمل بإطلاق، فلا يقدر فيه شيء، ويكون فارغًا من مرفوعٍ؛ إذ هو مراد في المعنى فلا محذور في حذفه من اللفظ، ولأن السماع قد جاء به، فقد حكى سيبويه: ضربني وضربت قومك، وقال علقمة بن عبدة:

تعفق بالأرطى لها وأرادها ... رجال فبذت نبلهم وكليب

فلو كان فيه ضمير لقال: ضربوني وضربت قومك، وتعفقوا بالأرطى، وهذا لا دلالة فيه؛ أما أولًا: فإن كل فعل لا بد له من فاعل مظهر أو مضمر؛ إذ لم يوجد في كلام العرب دونه، ووقع النزاع في هذا الموضع وليس بنص فيما قال؛ لاحتمال الإضمار، وأضمر ضمير المفرد اعتبارًا بما يصلح في الموضع، كأنه قال ضربني من ثم، وتعفق من أراد صيدها، وقد يوجد مثل هذا في كلامهم، مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015