أن مثل قولك: ضربني وضربت قومك قليلٌ قبيح، قال سيبويه: "وإن قال: ضربني وضربت قومك، فجائزٌ وهو قبيحٌ أن تجعل اللفظ كالواحد كما تقول: هو أجمل الفتيان وأحسنه، وأكرم بنيه وأنبله"، وقال: "ولا بد من هذا- يعني من الإضمار- لأنه لا يخلو الفعل من مضمر أو مظهر مرفوع من الأسماء، كأنك قلت إذا مثلته: ضربني من ثم وضربت قومك"، ثم بين أن المطابقة هي الوجه الأجود وأن تركها رديء في القياس. وأما الفراء فإنه يمنع المسألة، فلا يجيز أن تقول: يحسنان ويسيء ابناك، ولا: ضرباني وضربت الزيدين؛ للزوم الإضمار قبل الذكر، وهم لا يجيزونه إلا ندورًا، وقد تقدم أن الإضمار قبل الذكر موجود في كلام العرب في باب نعم وبئس، وذلك نحو: نعم رجلًا زيدٌ، وبئس غلامًا عمرو، ففيها ضمير لم يتقدم له مفسر، وذلك يظهر في التثنية والجمع عند من قال: نعما رجلين، ونعموا رجالًا، وفي باب ضمير الأمر والشأن نحو: {قل هو الله أحد}، {فإنها لا تعمي الأبصار} وفي باب رب نحو: ربه رجلًا، وفي باب الاستثناء نحو: قاموا خلا زيدًا، وعدا عمرًا، ولا يكون زيدًا، وقام القوم ليس زيدًا، وما أشبه ذلك مما يكون مفسرًا لضمير فيه متأخرًا، فكذلك هذا الباب فلا نكير فيه. وإذا ثبت هذا فلا موجب للمنع إذا لم يكن المانع إلا الإضمار قبل الذكر؛ لأنه إذا كان موجودًا فهذا مثله.
وأما قوله: "والتزم ما التزما" فإن ظاهره أنه فضل غير محتاج إليه؛ إذ لا يشك أحد في أنه يلتزم في القياس أو في السماع المحكي ما التزمته العرب، وعلى هذا مبنى النظر في العربية، فلقائل أن يقول لا يحتاج إلى هذا