وسيبويه، ومن والاهما. وإنما فسرت الغير الذي ذكر الناظم بأهل الكوفة فقط مع أن النحويين ليسوا بمنحصرين في هاتين الفقرتين؛ لأن هذا المذهب عنهم نقل، وأيضًا فيرجع غيرهم إليهم غالبًا؛ لأنهم الذين تجردوا لضبط كلام العرب من بين سائر الناس فهم المنفردون فيه بالتقدم.

وقوله: "ذا أسرة" أسرة الرجل: رهطه وعترته التي يشتد بها، ويقوى وأصل الأسر الشد، وكأن الناظم قصد بالغير هنا واحدًا من الكوفيين ثم جعله ذا أسرة وأتباع، فلا يكون واحد هنا إلا الكسائي، وتتبعه أسرته، لكن يقال: فهلا اقتصر على قوله: "واختار عكسًا غيرهم" ولم يزد لأنه إذ ذاك معلوم أن يريد الكوفيين؛ إذ الغيرة لا يتعين لواحد دون أكثر، بل يطلق على الجميع، فلأي فائدة أتى بقوله: "ذا أسرة". فالجواب: أن لفظ الغير لا يعين واحدًا من جماعة لصحة إطلاقه على كل واحد منهما، فلو اقتصر عليه، لاحتمل أن يكون الغير واحدًا من الكوفيين أو اثنين أو أكثر، كما يحتمل أن يريد جميعهم، فجعل الغير لواحدٍ وأضاف إليه أهل مذهبه؛ ليعين أن أهل الكوفة جميعًا قائلون بذلك لا يختص به واحدٌ منهم ولا بعضٌ، و"ذا أسرة" منصوب على الحال من غيرهم، أي حالة كون الغير ذا أسرة. والله أعلم.

وأعمل المهمل في ضمير ما ... تنازعاه والتزم ما التزما

كيحسنان ويسيء ابناكا ... وقد بغى واعتديا عبداكا

لما بين أن العمل في المتنازع فيه لا يكون إلا لواحد من العاملين أخذ الآن يبين حكم المهمل إذا أعمل الآخر، والمهمل: هو الذي لم يعمل في الاسم الآخر المتنازع فيه، فيريد أن المهمل يعمل في ضمير الاسم الذي تنازعه العاملان، فطلبا العمل فيه، فيحصل له ما طلبه على الجملة كان المهمل هو الأول أو الثاني، وأتى هنا بمثالين أحدهما لإهمال الأول وهو قوله: "كيحسنان ويسيء ابناك" فابناك هو المتنازع فيه، وقد أعمل فيه الثاني، فبقي الأول مهملًا فعمل في ضميره، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015