فلم يقع ذلك التحقيق موقعه مع أنه راجع إلى تقريرهم، فنعم ما فعل الناظم. وقد تم النظر في حذف المفعول وما أشبهه وهو المجرور وهو الذي أطلق عليه الفضلة خاصة. وأما حذف الفعل فهو الذي قال فيه:
ويحذف الناصبها إن علما ... وقد يكون حذفه ملتزما
الهاء من (الناصبها) عائدة على الفضلة، وناصبها هو الفعل، فيريد أن الفعل إذا علم وكان في الكلام أو في السياق ما يدل عليه جاز حذفه، فلو لم يكن ثم ما يدل عليه لم يجز حذفه، والفرق بينه وبين المنصوب في أن المنصوب يحذف وإن لم يدل عليه دليل، والناصب لا يحذف حتى يدل عليه دليل- أن/ المنصوب فضلة مستغنى عنها يستقل الكلام دونها، بخلاف الناصب، فإنه عمدة الكلام، فإذا كان معلوما حذف؛ إذ هو في حكم الملفوظ به؛ لوجود الدليل عليه. وإذا لم يعلم اختل الكلام ولم يعط فائدة، فلذلك اشترط هنا العلم ولم يشترطه في المنصوب. وهذا شأنه أن يشترط فيما كان عمدة في الكلام ألا يحذف إلا لدليل، وقد يشترط العلم في غير العمدة كما اشترطه في أشياء ذكرها قبل هذا، وبعد هذا وفي غير ذلك، بل القاعدة أنه لا يحذف الشيء لغير دليل سواء أكان عمدة أم فضلة، وإنما أغفلوا هذا الاشتراط في المفعول لحكمة اختصت به مع فعله، وهي أن الفعل المتعدي طالب له من جهة معناه ولفظه كضرب مثلا، فإن معناه يطلب مفعولا به، ولفظه أيضا؛ إذ كنت تقول: زيد ضربته، فتلحقه هاء غير المصدر، وإذا كان كذلك فلم يحذف المفعول قط لغير دليل، بل هو محذوف لدلالة الفعل عليه في