وستأتي أشياء أخر إن شاء الله، وإلى ما ذكره هنا يرجع ما قاله الجزولي وغيره في ضبط اللازم إذا تومل إلا أن ما هنا أقرب وأخصر. ثم ذكر التعدي بالحرف فقال:
وعد لازما بحرف جر ... وإن حذف فالنصب للمنجر
نقلا وفي أن وأن يطرد ... مع أمن لبس كعجبت أن يدوا
يعني أن اللازم من الأفعال قد يتعدى بحرف الجر، فتقول: كرم علي، وشرف بكذا، وانطلق إلى موضع كذا، وامتد على الأرض، ومرد بزيد، وعجب من فعلك، وما كان نحو ذلك. وهذا التعدي لا يقدح في كونه/ لازما بحق الأصل؛ لأن حروف الجر تتعلق برائحة الفعل فضلا عن نفس الفعل، وسماه تعديا، وهو عند بعض المتأخرين على وجهين في الاصطلاح: تعد وتعلق، فالتعدي: يطلق حيث يكون الفعل طالبا لحرف الجر على اللزوم كمررت بزيد، وعجبت من فعله، ورغبت في الخير، فإن مثل هذه الأفعال في طلبها للمجرور كالمتعدي بالنسبة إلى المفعول. والتعلق حيث يكون لا يطلبه على اللزوم بل بالنسبة إلى القصد في الكلام، كذهبت معك، وقعدت في منزلك، وانطلقت إليك، فإن هذه الأفعال إنما تطلبه بحسب ما طلبته مقاصد الكلام، فتقول مرة: انطلقت من عندك، وتارة: انطلقت بسببك، ولأجلك، من جرائك، وتقول مرة: انطلقت لا غير، فلا تعديه، ولا يطلب شيئا، وفرق بين فعل يطلب الحرف الجار من جهة وضعه، وفعل يطلبه من حيث هو مقصود في الكلام، فالناظم لم يكترث بالفرق بين المعنيين؛ لأن الجميع تعد ومجاوزة للفاعل إلى غيره، ألا ترى أنه إذا سقط حرف الجر انتصب الاسم، ويستوي في ذلك لازم التعدي، وغير لازمه، وأيضا طلب الفعل لحرف جر