مطلقا بناء على القاعدة المستمرة: أن العامل إذا كان معنى لم يجز تقديم المعمول فيه على المعنى، ولذلك يمتنع: قائما خلفك زيد، وما أشبه ذلك، فإن أجاز التقديم هذا والعامل معنى. لزمه في كل موضع كان العامل فيه معنى. وأدى إلى خالفه العرب والنحويين. وأما مذهب خلف فرد بأنه لو كان كما قال لوجب ألا يرتفع ما لم يسم فاعله لوجود معنى المفعولية، كما أن رفعه الفاعل بمعنى الفاعلية باطل، لعدم معنى الفاعلية في نحو: مات زيد، وسقط الحائط، وما أشبه ذلك مع أنه قد ارتفع فيه الاسم كما ارتفع في: قام زيد، ونحوه. وأيضا كان يجب أن ينتصب زيد من قولك: زيد مضروب؛ لوجود معنى المفعولية. هذا ما قيل في الرد على هذه المذاهب، فالأصح ما ذهب إليه الناظم إلا ابن خروف لما قرر نحو هذه الأشياء من كلام الفارسي قال: "هذا كله فاسد بني على أصل فاسد، أضاف العمل إلى الألفاظ حقيقة، وتأول ذلك على الأئمة؛ وذلك لأن الرافع والناصب والجار والجازم إنما هو المتكلم، والألفاظ لا عمل لها لكن لما كان المتكلم يرفع عد حضور بعض الألفاظ، وينصب عند آخر، ويجر ويجزم عند آخر، فكانت تجري مع أنواع الإعراب وجودا وعدما نسبوا العمل إليها اتساعا ونظما للاصطلاح فقط" انتهى/ قوله، وما قال هو الذي أراد الفارسي فليس بمخالف لما قال، كيف وابن جنى هو الذي أصل ذلك الأصل الذي بني عليه ابن خروف، وابن جنى صنيعة الفارسي، وناشر علمه، وعبد نعمته في مثل هذه الأشياء، فرد ابن خروف مشكل. ولما رأى الناظم هذا الاصطلاح مما قد يخفى على كثير من الناس حرر عبارته على الأصل المقصود، فلم يبق ما يعتذر منه، فقال: "فانصب به مفعوله"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015