والرابع: أن الأفعال المتقدم ذكرها، مما انتصب في الشعر، أو في النادر على إسقاط الجار، كمررت، ونحوها متعدية بلا بد؛ لأنها وصلت إلى ما نصبته بنفسها. وإطلاق اسم المتعدي عليها صحيح، وإن كان غير مقيس. ولا يصح أن يقال في "تمرون الديار" إن (تمرون) غير متعد، وهو قد نصب المفعول به، وكذل الأمر في "لقضاني" وفي: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} وما أشبه ذلك، فإن الفعل قد وصل إليها بنفسه، ولا معنى للتعدي إلا ذلك. فكيف يقال: إن علامة المتعدي وصل هاء غير المصدر به، وها هنا لو قلت ذلك/ فيها لم يصح.
والخامس: أن من الأفعال أفعالا كثيرة جدا تستعمل متعدية وغير متعدية مع أن البنية واحدة، نحو غاض الماء وغضته، ورجع الشيء ورجعته، ووقف الفرس ووقفته، وعمر المنزل وعمرته، ومن ذلك كثير، فمن أين يعرف في هذا الباب المتعدي من غيره بهذا العقد، وأنت إذا نظرت في رجع الشيء مثلا هل يتعدى أم لا؟ فوصلت به هاء المصدر. قلت: رجعته، وهو صحيح مع أنه كان عندك غير متعد، فمثل هذا لا يتم تعريفا لهذه الأفعال وأشباهها.
والسادس: أن هذا الضابط دوري، فلا يصح، وإنما كان كذلك لأن إلحاقنا الهاء لغير المصدر تتوقف صحته على معرفة كون الفعل متعديا؛ إذ كنا لا نقول: عرفته حتى نقول: عرفت زيدا. وهذا هو المطلوب فقد توقفت معرفة المتعدي على صحة إلحاق الهاء، وإلحاق الهاء متوقف على معرفة المتعدي. وهذا دور لا يصح التعريف به.
والجواب عن الأول: أن باب نصحت، وشكرت متوقف على السماع،