(خلقناه) صفةٌ محضةً, وأنْ يكونَ خبرًا, فكان النصب لرفعه احتمال غيرِ الصواب أولى)). فهذه مواضع كان من حقّه التنبيه عليها هنا.
فإنْ قيل: لا يلزم من نَصَبَ نفسه لنقل بعض المهمات أنْ ينقَل جميعَها وإلّا لَزِمه أنْ يأتي بجميع مسائل المطولات, والتسهيل على استيفائه لا يفي بهذا الطلب, فإنما أتى ببعض المسائل وترك بعضًا, كما أتى ببعض الفصول, وترك بعضًا. ولم يُعتَب عليه بسبب ذلك. فهذا أولى.
فالجواب: أنّ عدمَ الاستيفاء لا يلزمه في هذا المختصر إلّا إذا كان موقِعًا شُبْهة أو موهمًا غيرَ الصواب, وههنا الأمر كذلك, وذلك أنّ مسائل الاشتغال محصورة في الأقسام الخمسة, وقد قال في آخرها: ((والرفع في غير الذي مرّ رَجَحَ)) فاقتضى أنّ ما سكت عنه يَرْجُحُ فيه الرفع فيها أرجح, وذلك غيرُ صحيح حسب ما ذكره هو وغيره, فالاعتراض عليه لازمٌ وإن اختصر.
والجواب عن الأول: أنّ حقيقةَ المشاكلة هي المطلوبة في هذا الضرب ليعتدل اللّفظ خاصةً, وليس المراد حقيقة التشريك بين الجمل في جميع أحكامها, فممّا يُعتَبَرُ من المشاكلةِ مشاكلةُ المفردات إن كانت, فإنّ: ضربتُ زيدًا وعمرًا لقيتُه أتَمُّ مشاكلةً عندهم من قولك: قام زيدٌ وعمرًا لقيتُه مع أنّ الجميعَ يُختارُ فيه الحَملُ على الفعل. والمشاكلة أيضًا هنا بين المفردات حاصلةٌ من حيث كانا معًا معمولين للفعل وإن اختلفا في الرفع/ والنصب. وقد اعتبر سيبويه مشاكلة المفردات, فقال في باب العطف على الجملة ذات الوجهين: ((هذا بابٌ يُحملُ فيه الاسم على اسمٍ بُنيَ عليه الفعلُ مرةً ويُحملُ مرةً على اسمٍ