وأما عمرًا فلم أره, على حجّ ما تقول: عمرًا لم أره, هذا ما لم يَعرِضُ له ما يوجبُ اختيارَ غيرِ ذلك, فيكون له حكمه, فالمقصود أنّ المشاكلة في العطف غيرُ معتبره مع أمّا. وفي حكم أمّا (إذا) التي للمفاجأة إذا قلتَ: رأيتُ عبدَالله وإذا زيدٌ يضربهُ عمرو, ومررتُ بزيدٍ وإذا عمروٌ يكرمُه بكر, وما أشبه ذلك, فإذا من أدوات الابتداء, وهي تقطع/ ما بعدها عمّا قبلها, فلا تُطْلبُ المشاكلة بينهما كأمّا, ولكن يبقى النظر في حكم الاسم السابق بعدَها, وقد تقدّم. وكذلك (إنّما) نصّ بعضهم أنّها في حكم الفصل كأما.
وفي كلام الناظم هنا نظرٌ من وجهين: أحدُهما: أنّ الناس يُعبّرونَ عن هذا بأنْ تكون جملةُ الاشتغال معطوفةٌ على جملة فعليّة؛ وذلك لأنّ المسألةَ من باب عظف الجمل لا من باب عطف المفردات, والناظم عكس الأمر فجعلها من باب عطف المفردات, ألا ترى أنّه قال: ((وبَعد عاطفٍ بلا فصل عل معمول فعل)) فجعل المعطوف عليه هو معمولَ الفعل, والمعطوف لم يذكره ولكنّه مفهوم من قوّة كلامه أنّه الاسم السابق؛ إذ لا يصح أن يكون الجملة حسب ما يأتي في بابه إن شاء الله, فبَقِيَ ظاهرُ الكلام على أنّه من عَطْفِ المفردات, وذلك غيرُ صحيح؛ لأنّ ما بعد العاطف راجعٌ على حكم فعله المقدّر إن كان منصوبًا أو إلى حكم الابتداء إن كان مرفوعًا, وليس راجعًا إلى حكم الفعل الأول باتفاقٍ, فثيت أنّ العطفَ هنا عطفُ الجمل لا عطف المفردات.
فإن قيل: إنّه أتى بعبارةٍ مجازيّةٍ لمّا كان الثاني منصوبًا كالأول فاعتبر صورةَ اللفظ, وإن كان الأمرُ في الحقيق بخلاف ذلك.
فالجواب: أنّ هذا قد كان يمشي عُذرًا على ضَعْفِه لو كان ما قبل العاطف يلزمه النصبُ في فرض المسألة, أو كان ما بعده يلزمه النصبُ أيضًا, فكيف