آخر الفصل لم يعيّن فيه شيئًا بل أحال على ما ثبتَ له ذلك الحكم من الأدوات, فذلك الحكم قد يكون ثابتًا باتفاقٍ, وقد يكون ثابتًا باختلاف, كالفصل بأنِ المصدرية, وما النافية فإنّ الكوفيين لا يوجبون الرفع في الاسم السابق, وكذلك غيرهما من المسائل المختلف فيها؛ فلذلك وقع التمثيل فيها, وفي سائر ما تقدّم على رأي أهل البصرة.
والثالث من مواضع اختيار النصب: أنْ يُعْطَف الاسمُ السابقُ على اسم عَمِلَ فيه فعلٌ متقدّم, وذلك قوله: ((وبعد عاطفٍ بلا فصلٍ على معمولِ فِعْلِ)) إلى آخره, يعني أنّ النصب اختير أيضًا في الاسم السابق على جملة الاشتغال إذا كان معطوفًا على معمول لفعل هو سابقٌ في الجملة الأولى, ومثال ذلك: ضربتُ زيدًا, وعمرًا أكرمتُه, وأكرمت أخاك وزيدًا ضربتُ أباه, ورأيتُ زيدًا/ وعمرًا مررتُ به, فمعمول الفعل هو زيد والأخ والعامل فيهما هو الفعل المستقّر أولًا في الجملة الأولى, وتحرّز بقوله: ((مستقر أوّلا)) من الجملة التي هي اسميةٌ الصدر فعليّة العَجُز, نحو: زيدٌ ضربته وعمرًا كلّمته, فإنّ الفعل في الجملة الأولى ليس مستقرّا أوّلًا, ولها حكمٌ آخرُ سيذكره, وكذلك يدخل له في قوله: ((معمول فعل)) المعمول المرفوع كما يدخل المنصوب, نحو: جاء زيدٌ وعمرًا كلّمته, وذهب أخوك وعمرًا مررتُ به, وما أشبه ذلك فكل هذا يُختارُ في النصبُ في الاسم السابق على جملة الاشتغال, ووجهُ ذلك طَلَبُ المشاكلة بين الجملتين؛ لأنّه إذا انتصب السابقُ أو ارتقع بالفعل صارت الجملةُ فعليّة, فشاكلت الجملة الأولى, وهي فعليّة, فحَصَلُ عطفُ جملةٍ فعليّة على جملة فعليّة, ولو ارتفع الاسم على الابتداء لكان من عَطْفِ جملةٍ اسميّة على جملة فعليّة فانتفت المشاكلة, وهي مختارة في كلام العرب, فكان النصبُ مختارًا, ويجوز الرفع, وإنْ كان مرجوحًا, فتقول: جاء زيدٌ وعمروٌ كلّمتُه, ورأيتُ زيدًا وعمروٌ ضربتُه. وممّا