يدخل في باب الاشتغال لصحة إضمار الفعل للاسم الذي/ يلي الأداة.
والثاني: ما لا يجوز أنْ يليه الاسم لفظًا أصلًا, ولا يجوز انْ يليهُ الفعلُ مضمرًا, بل تلزم ولايتُه له ظاهرًا, ومن القسم حيثما؛ إذ لا يجوز أن تقولَ: حيثُما زيدًا أقعدته اقعُد, وكذلك لا تقول: حيثما زيدًا تُجلِس أجلس إلّا أنْ يُضطرّ شاعرٌ فيجوز في الشعر خاصة. ومثل حيثما في ذلك سائر أدوات الشرط سوى إنْ, وجميع أدوات الاستفهام سوى الهمزة. وكذلك قد وسوف لا يليها إلّا الفعل ظاهرًا إلّا أنْ يضطرّ شاعرٌ فيجوز أنْ يليها الاسم على تقدير ولاية الفعل. ومن هذا القسم الذي لا يليه إلّا الفعلُ ظاهرًا ما يَتَنَزّلُ من الفعل منزلة الجزء, فلا يليه الاسم في الكلام, ولا في الشعر, وذلك كالسين التنفيسيّة, وما أشبه ذلك. وإذا ثبت هذا فتمثيلُه بحيثُما يقتضي جواز مثله في الكلام, وذلك غيرُ صحيح.
والجواب: أنّه قال: ((إنْ تلا السابق ما يختّص بالفعل كإنْ وحيثُما)) فقيّد الاختصاص بأنْ يكونَ كاختصاص إنْ أو كاختصاص حيثُما, ومعلوم أنّ إنْ لا يلزم إظهار الفعل بعدها, فيدخل معها ما كان مثلها كما تقدّم, وأمّا حيثما فيلزم إظهارُ الفعل بعدها في الكلام ولا يلزم في الشعر, بل هي في الشعر كإنْ في الكلام, وهذا في حيثما معلوم أيضًا في أخواتها, فيدخل معها ما كان مثلها في هذا الباب إذا وقعت في الشعر, ولم يقيّد الناظم هذا الحكم بالكلام دون الشعر, بل إنّما تعرّض إلى أنّ مثلَ هذا إنْ وقع, وتُصُوّرت فيه صورةُ الاشتغال, فيجب نصبُ الاسم السابق بفعلٍ مضمر, فاتّفق أنّ المسألة في إنْ تُتَصَوَّرُ في الكلام, وفي حيثُما إنّما تُتَصوّر في الشعر, فإذا تُصوّرت ثَبَتَ حكمُها كذلك, فعلى هذا ما كان من الأدوات لا يليه إلّا الفعلُ ظاهرًا غيرُ داخلٍ له البتة, إذ لم يطلق كلامه, بل قيّده بالمثال, ولا مثالَ له في هذا القسم, فلا