والنّصبُ حَتْمٌ إنْ تلا السَّابِقُ ما ... يَخْتَصُّ بالفعل كإنْ وحَيْثُمَا
وهو القسم الأل, فيريد أنّ النصب السابق, وهو الاسم المتقدم على الفعل حتمٌ, أي واجب ويضمر له فعلٌ موافق وجوبًا إذا تلا ذلك الاسمُ أداةً من الأدوات التي تَخْتَصُّ بالفعل فلا يقع بعدها إلّا الفعل, ومثّل ذلك بأداتين من أدوات الشرط, وهما: إنْ, وحيثما, فإمّا (إنْ) فنحو: إنْ زيدًا أكرمتَه أكرمَك, وإنْ عمرًا أهنتَه أهانَك, فنصبُ زيدٍ وعمرو ههنا واجبٌ؛ لوجوب تقدير الفعل بعد (إنْ)؛ لأنّ (إنْ) لا يليها إلا الفعل ظاهرًا أو مضمرًا, فإذا لم يكن ظاهرًا فلا بدّ أن يكونَ مقدّرًا, فلا يجوزُ هنا: إنْ زيدٌ أكرمتَه أكرمَك, وما جاء ممّا ظاهره ذلك فليس على الرفع بالابتداء, وإنّما هو على تقدير فعلٍ رافع كما أنشدوا بيت النّمِر:
*لاتجزعي إنْ منفِسٌ أهلكتُه*
فهو على تقدير: إن هلَكَ منفسٌ أهلكتُه, وكذلك قوله:
*أتجزع إنْ نفسٌ أتاها حمامها*
وقوله:
*فإنْ أنت لم ينفعك علمك ... *
فكل ذلك على إضمار فعلٍ رافعٍ لا على الابتداء. وبهذا الكلام يظهر انّ مذهبَه مذهبُ الجمهور في أنّ (إن) الشرطية لا يقع المبتدأ بعدها. ونقل ابن جنى$ في كتاب الخاطريات, واين الأنباري عن الأخفش إجازة ذلك, وهو رأي لا يُساعد عليه؛ إذ لم يجيء قطُّ في كلامهم مثل: إنْ زيدٌ قائمٌ قمتُ, ولا حجّةَ فيما أنشده سيبويه: