إنّما معناه: رأيتُ الأخَ, فاتّفَقضا من جهة المعنى المقصود, وإنّما قدّروا لابستُ ليكون مسلّطًا على زيد فيصحَ المعنى ويَتَنَزّل على نصب اللفظ. وإذا قلتَ: زيدًا مررتُ بأخيه, فمرورك بالأخ ملابسة لزيد من جهة ما, وتلك موافقة في المعنى, وكذلك: زيدًا مررت به إذا قدّرْت: جاوزتُ زيدًا مررت به, فهي موافقة المعنى ظاهره$, وعلى هذا التقرير يجري سائر الباب. وقد بيّن سيبويه هذا المعنى وبيّن وجهه. فقال في: زيدًا مررتُ به: ((كأنك قلتَ إذا مثّلت: جعلتُ زيدًا على طريقي مررتُ به, وقال في: زيدًا لقيتُ أخاه: ((وإن شئت نصبتَ؛ لأنّه إذا وقع على شيء من سببه فكأنّه قد وقع به)). قال: ((والدليل على ذلك أنّ الرجلَ يقول: أهنتَ زيدًا بإهانتك أخاه, وأكرمتَه بإكرامك أخاه. وهذا النحو في كلامهم كثير, ويقول الرجل: إنّما أعطيتُ زيدًا, وإّنما يريد لمكانِ زيدٍ أعطيتُ. قال: ((وإذا نصبتَ زيدصا لقيتُ أخاه, فكأنّه قال لابستُ زيدًا لقيتُ أخاه. وهذا تمثيل ولا يُتكلّم به فجرى على ما جرى عليه: أكرمتُ زيدًا, وإنّما وصلت الأثرةُ إلى غيره)). هذا ما قال وفيه كافٍ في بيان اتفاق معنى الظاهر ومعنى المقدّر. وهو الذي أراد الناظم فلا حاجة إذًا إلى ما قال في التسهيل من القاربة. والله أعلم.
ثم أخذَ الناظمُ في تفصيل الحكم في نصب الاسم السابق, وجعله خمسةَ أقسام: واجبٌ النصب, وممتنعٌ فيه النصب, فلا بدّ من الرفع, ومختارٌ فيه/ النصب, ومختارٌ فيه الرفع, وما استوى فيه الرفع والنصب. وابتدأ بما يجب فيه النصب فقال: