والسابع: أنّ الموافقة التي أشار إليها في قوله: ((موافقٍ لما قد أُظهرا)) حقيقتها في نفسها أن يكون لفظُ المضمر ومعناه مثل لفظ المظهر ومعناه, وذلك لا يَصدُق إلّا على نحو: زيدًا ضربتُه خاصّة؛ لأنّ التقدير: ضربتُ زيدًا ضربتُه. وأمّا غير ذلك فلا؛ إذ كنت في قولك: زيدًا مررتُ به لا تقدّر إلّا فعلًا غير موافق تلك الموافقة, وذلك: جاوزتُ, أو لابستُ, أو نحو ذلك, ولا يجوز أن تقدّر: مررتُ؛ لأنه يقتضي حرفَ الجر, والاسم المشتغل عنه لا يُجرّ, وكذلك إذا قلتَ: زيدًا ضربتُ أخاه فالمقدّرههنا فعلُ الملابسة أو نحوه, أي: لابستُ زيدًا ضربتُ أخاه, أو تقدر: أهنتُ زيدًا ضربت أخاه, أو ما أشبه ذلك. وكذلك قولك: زيدًا مررتُ بأخيه, وزيدًا رغبتُ فيه, وزيدًا ضربتُ راغبًا فيه, إنّما يقدّر هنا فعلُ الملابسة أو نحوه مما يدل عليه الفعل, لا ما وافق الفعل, فلو أُخذ كلام الناظم على حقيقة الموافقة في هذه الأشياء لكان فاسدًا؛ إذ كان الموافق في: زيدًا ضربتُ أخاه: ضربتُ زيدًا ضربتُ أخاه, وفي: زيدًا مررتُ بأخيه: مررتُ بزيدٍ مررتُ بأخيه, وكذلك ما بقي. وذلك لا يصحّ لفظًا ولا معنى. ثم نقول: لا يخلو أن يريدَ الموافقة المذكورة أو في اللفظ فقط, أو في المعنى فقط. فلا يصحّ الأول لما مرّ, ولا الثاني/ أيضًا, وإلّا جاز في: زيدًا رأيتُه أن يُقدّر: رأيتُ على غير معنى رأيت الظاهر. وذلك غير صحيح, ولا الثالث أيضًا؛ لأنّهم قد قدّروا في: زيدًا رأيتُ أخاه: لابستُ, ونحوه. وليس الفعلان بمتّفقيْ المعنى؛ إذ مفهوم الرؤية غيرُ مفهوم الملابسة. هذا إن أخذتَ الرؤية بحسب مفهومها مطلقًا, وإن أخذتها بحسب كونها رؤية للأخ فكذلك أيضًا, لأن رؤية أخي زيد لها مفهومٌ, وملابسة زيدٍ لها مفهوم آخر؛ إذ هي أعمّ من أن تكون برؤية الأخ أو بغير ذلك؛ ولأجل هذا الإشكال حرّر في التسهيل عبارته فقال: ((بعامل لا يظهر موافق للظاهر أو مقارب)) فكان من حق الناظم أن يفعلَ