العريف بين المسألتين, فأجاز أن يُقدّر لزيد في الأولى فعلُ كأنّ التقدير: قام زيدٌ قام, فالرفع عند هذا القائلعلى إضمار الفعل كالنصب بإطلاق. والناظم لم يبيّن شيئًا من هذا فكان عليه الدركُ.
والخامس: أنّ قوله: ((فالسابق انصبه)) يقتصي أنّ الفعل المضمر لا يقدّر إلا ناصبًا, وذلك غير لازم, بل يسوغ تقدير الفعل رافعًا, وإنْ كان ضميره منصوبًا بالفعل لفظًا أو تقديرًا, فتقول: أزيدًا أقمته, وأزيدٌ أقمته أيضًا على إضمار: أقامَ زيدٌ أقمته وكذلك: إن زيدٌ أهلكته كان كذا, على تقدير: إن هلك زيدٌ أهلكته, وما أشبه ذلك, ويتصوّر ذلك كثيرًا في الأفعال التي لها مطاوع, أو التي تعدّت بالهمزة أو غيرها, وقد أنشد سيبويه للنمر بن تَوْلَب:
لا تَجزَعِي إنْ منفسٌ أهلكتُه ... وإذا هلكتُ فعندَ ذلك فاجْزَعِي
أنشدوه على وجهين: على رفع (منفسٌ) ونصبه/, وأنشد الأخفش:
أتجزعُ إنْ نفسٌ أتاها حِمامها ... فهلّا التي عن بين جَنْبيكَ تَجْزَعُ
هكذا برفع نفس, وتقديره من معنى أتاها حمامها: إن ماتت نفسٌ أتاها