موافقًا للمفسّر في المعنى لا ما كان مخالفًا, ومثال ذلك: زيدًا ضربتُه, فزيدًا منصوبٌ بفعل موافقٍ لضربته, فالتقدير: ضربتُ زيدًا ضربتُه, وكذلك: زيدًا مررتُ به, تقدير الفعل الموافق: جاوزتُ زيدًا مررتُ به؛ لأن المرور والمجاوزة متفقان. وعلى هذا الترتيب سائر المقدرات.

وفي هذا الكلام تنكيتٌ على ابن الطراوة في مذهبه المضطرب في المسألة؛ إذ زعم أولًا أنّ معنى الفعل هو الناصب للسابق, ثم رجع إلى التقدير اللفظي حين قيل له: فكيف يكون معنى الفعل هو العامل في نحو: زيدًا ضربتُ أخاه؟ إذ لا يصحّ أن يكون معنى (ضربته) هو العامل, لفساد المعنى, فأجاب: إن كلّ فاعلِ فعلٍ يُحرك حاشيتين ضرورة من راضٍ وساخطٍ, فإذا قال: زيدًا ضربتُ أخاه انتصب زيد على معنى: أسخطت, وإذا قال: ضربتُ عدوّه انتصب على معنى: ((أرضيت, ودلّ الضرب عليها مع القرينة المختصة بهما)) انتهى فرجع إلى تقدير فعل لفظيّ لا يوافق الظاهر. وهذا اضطرابٌ, وعدمُ ارتباط لقانون يثلَجُ به الصدر.

هذا تمام الكلام على مقصود الناظم في هذه المقدمة التي جعلها أصلًا لباب الاشتغال مطّردًا فيه, وجاريًا في جميع أقسامه ومسائله غير أنّ فيه نظرًا من أوجه سبعة:

أحدهما: أنّك تقول: في الدار زيدٌ فاضربه, فلا يكون زيدٌ ههنا جائزَ النصب بفعل أُضمر أصلًا, لاستقلاله مع ما قبله كلامًا, فزيدٌ هنالك مبتدأ قد جيءَ له بخبره فلا تعلّق له بما بعده, فكيف يصحّ أن يقدّر له ناصبٌ أو غيرُ ناصب, وعبارة الناظم تشمَلُ مثل هذا؛ لأنّ معنى سابقِ: ان يسبق الفعلَ الظاهرَ, وكذلك تقول: جاءني زيدٌ فأكرمته, وحين أتاني عمرو ضربتُه, وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015