يرفع إلّا واحدًا فيبقى ما سواه منصوبًا, فتقول: أُعطِيَ زيدٌ درهمًا, وعُلِمَ أخوكَ منطلقًا, وأُعْلِمَ أخوك زيدًا قائمًا. وهذا ظاهر. وقوله: ((مما علّق بالرافع)) و ((ما)) فيه لغير النائب, و ((علّق بالرافع)) معناه: ألْزِمه, والرافع هو الفعل, ويقال: عَلِقْتُ بفلان وعُلّقتُه: أي أحببته, وعَلِق بقلبي أي لصِق به ولزمه, واراد بالتعليق العمل, فالمعلّق بالرافع هو معموله, فأراد أنّ ما عدا النائب من معمولات الفعل يلزم نصبه تحقيقًا/. والمعمولات هنا كلُّ ما عمل فيه الفعل مما تصحُّ نيابته عن الفاعل كان مفعولًا به, أو مصدرًا, او ظرفًا أو غيره, إلّا أن النصب تارةً يكون في اللفظ كالأمثلة المتقدّمة, وتارة يكون في الموضع كالمجرور, وضمير المفعول, والمصدر, والظرف, وغيرها, وفي قوله: ((علّق بالرافع)) نصٌّ على أنّ فعل المفعول هو الناصب, أو هو ظاهر فيه, فإنّ الرافع هو فعل المفعول. وقد جعل ما عدا المُقام معلّقًا به أي معمولًا له, أو معلّقًا به معنى, فالفعل طالب له فهو العامل فيه؛ لأنّ اصل العمل الطلب. وهذا أحد المذهبين, وهو رأي المحققين, ويُنسَبُ إلى سيبويه. وقيل: إنّ الناصب له فعل الفاعل المحوّل إلى بنية المفعول. فالأصل نصب هذه الأشياء بفعل الفاعل, فلمّا حوِّل إلى بنية المفعول رفع واحدًا منها, وبقي ما عداه على نصبه الأول, والأول عندهم أصح؛ لأنه رفع المرفوع باتفاق فليكن هو الناصب, لأنّه الحاضر في اليد, وأصلُ العمل الطلَبُ, وهذا الحاضر هو الطالب, فهو الناصب إذًا, ولا فرق بين فعل المفعول وفعل الفاعل في ذلك. والخلاف في هذا لا ينبني عليه في العربية حكم إلّا حُسْنُ ترتيب الحكمة في الصناعة, وربطُ الاصطلاح, ولا شك أنّ ما ذهب إليه الناظم أقَلُّ تكلُّفًا. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015