يجوز في الفاعل إلّا حيث يكون الحرف زائدًا, وليس هنا بزائد, وإذا ثبت هذا لم يكن في القول بإقامة الجملة مُقام الفاعل خرقٌ لإجماعٍ, ولا مخالفة دليل.
والثاني: أنّا إذا لم نقل بجواز ذلك فهو مستثنى عن هذا الوضع. فقوله: ((ينوب مفعول به عن فاعل- فيما له)) يعني من الأحكام, ومن جملتها ألّا يكون جملة, ولا ما أشبهها. وإذا استثناه بقيَ الباقي على الحكم المذكور. وأمّا الوجه الثاني: فإذا كان المفعول الثاني نكرةً فلا محذور؛ لأنّ الإخبار هنا عن النكرة عارضٌ, وفي بنية عارضة, والمقصود الإخبار عن المعرفة. وإن كان على القلب فهو جائزٌ, وإن كان قليلًا, فذلك ليس بمانع جملة, أو نقول: إذا فُرِض الإخبار هنا بالمعرفة عن النكرة فإن أفاد ذلك جاز, وإلّا لم يجز, فالمسألة راجعة إلى باب الابتداء بالنكرة, وقد مَرَّ.
وأمّا لزوم الإضمار قبل الذكر, فله جوابان: أحدهما: أنّ ذلك عارض, والأصل تأخيره في بنية الفاعل, فلا محذور في تقديمه, بل هو في الحقيقة مثل قولك: ظُنَّ قائمًا زيدٌ, وضرب اباه زيدٌ. والثاني: إذا سلّمنا ذلك, فيلزم فيه تأخير المُقام, فتقول: ظُنَّ خالدًا قائمٌ كما يلزم تأخير العمدة في قولك: ضرب زيدًا أبوه. وقد نبّه على هذا المعنى بعض المتأخرين. وأمّا ولاية المشتق العامل فيجوز في مثل هذا لاسيّما على طريقة القلب كما يجوز: كان قائمٌ زيدًا على القلب, وإن كان ضعيفًا بل هو هنا أجوز, لأنه في بنية عارضة بخلاف باب كان فإنّ الإخبار به عن النكرة في بنية أصلية. فهذا مما يرجّح الجواز, ولا يكون على حذف الموصوف كما لا يكون كذلك في باب كان. وأمّا حمل الأقل على الأكثر في المنع فإذا سلمنا أم مسائل أمن اللبس قليلة- وليست كذلك-