مع أنه قليل, ووقوع المفعول الثاني صفة خاصة قليل. وإذا لم تكن خاصة- وهو الكثير- لم يصح إقامتها مُقام الموصوف, فلا تصحُّ إقامتها مُقام الفاعل. فهذه أوجه إذا اجتمعت في إقامة الثاني من باب ظنَّ, وهي جارية في الثالث من باب رأى, فصارت المسائل البريّة عن هذه القوادح نادرة الوقوع, ومتكلّفة في التمثيل, فعند ذلك قال الأكثرون بمنع إقامة الثاني مطلقًا. وهذا هو الفرق بين منعهم هنا مطلقًا, ومنعهم مع اللبس في باب كسا؛ لأنّ مسائل المنع هنالك قليلة على عكس الأمر هنا, فكيف يقول: إنّ المانع هو اللّبس خاصة؟ .
وقد يقال: إنّ المفعول إذا كان جملة أو ظرفًا أو مجرورًا فلا اعتراض به لأمرين: أحدهما: التزام أن يُقام مقام الفاعل ولا محذور في هذا/ فقد قال به جماعة منهم السيرافي, وابن النحاس, وزعموا أنّك تقول في: عرفت أيّهم في الدار: عُرِفَ أيّهم في الدار. وقال ابن الضائع: الصحيح عندي جواز: قد عُلِمَ أزيدٌ في الدار أم عمرو؟ ؛ لأنّ كلّ فعل يتعدّى المفعول فلا مانع أن يُرَدَّ ويبنى للمفعول, قال: وكذلك: قد قِيل زيدٌ منطلق, وهو موجود في كلام العرب كثيرًا, وفي القرآن. قال: ويُقَوِّي ذلك أنّه يجوز في المفعول الذي لم يُسَمَّ فاعله ما لا يجوز في الفاعل, ألا ترى قولهم: مُرَّ بزيد, فزيد في موضع رفع, ولا