لأنّ كون المفعول موجودًا في محصول الحكم أو غير موجود لا يتعرّض إليه النحويّ؛ وإنمّا كلامُه في الألفاظ فإذا قال: إذا لم يوجد المفعول به, فمعناه في اللفظ. وموانع الوجود ليس من شأنه النظر فيها؛ فما اعتذرت به لا عذر فيه؛ لأنّا نقول: لم يتكلّم هنا في المفعول من حيث الواقع, بل من حيث طلبه الفعلُ بمادته ولم يُذكر كما قيل في: ضُرِبَ ونحوه, فإنّه فعل متعدٍّ إلى مفعول بأصل وضعه يطلبه لينصبه, فإذا لم بم يُذكر في اللفظ فهو موجود من حيث طلبه له, وهو محصول الحكم. فعلى عذا يصح التحرُز منه على التزام طريقة الألفاظ, وعدم التعرّض لموانع الوجود, ألا ترى أنّك تقول في: ضَرَبَ: أنه متعدّ إلى مفعول/, وإن لم يظهر المفعول في اللفظ فتدبّره فإنّ فيه غموضًا. وأغراض ابن مالك في نظمه هذا لا تبعد على أمثاله. والله أعلم.
وباتفاقٍ قد ينوبُ الثانِ من ... باب كسا فيما التباسُه أمِن
في باب ظنّ وأرى المنعُ اشتهر ... ولا أرى منعًا إذا القصدُ ظهر
تكلّم أولًا فيما إذا لم يكن للفعل إلا مفعولٌ واحد, ثم عطف بذكر المفعولين أو أكثر إذا اجتمعت أيّهما يُقام؟ فذكر ثلاثة أبواب:
أحدهما: بابُ كسا, وهو باب المفعولين اللذين ليس أصلهما المبتدأ والخبر, ولا أصل أحدهما حرف الجر.
والثاني: بابُ علِم. وهو باب المفعولين اللذين أصلهما المبتدأ والخبر.
والثالث: بابُ أرى, وهو باب ما يتعدّى إلى ثلاثة.
وتركَ ذكرَ بابٍ رابعٍ وهو باب المفعولين اللذين ليس أصلهما المبتدأ والخبر, وأصل أحدهما حرفث الجر, وهو باب أمر, وكان من حقّه أنْ