يذكر ذلك لم يظهر ولم يُفهم قصد التنكيت. وقد مر له مثل هذا في باب كان في قوله: ((كذاك سبق خبر ما النافية .. )) إلى آخره, وقد تقدم ثمّة بيانُ قصده فكذلك ههنا, فلا يعدُّ حشوًا. والثانية: أنّ ذكر ما ذكر لابد منه؛ لأنّه وإنْ قصد في القابليّة دخول هذا الشرط فليس بمفهوم منه فهمًا صريحًا, فلو ترك النصّ عليه لأمكن الاعتراض عليه بسقوطه, فأزاح هذا الشغب بذكره, وأيضًا فإنّ الإشارة إلى السماع المخالف لما أصَّل, وهو الذي اعتمده المخالف وهو آتٍ في التنزيل. نُقِلت القراءة به في السبع على أظهر الوجوه فيه, وفي غير السبع مما ثبت سندُه, ومن عادته الاعتماد على مثل هذا, وإن لم يعتمده هنا فلا أقلّ من التنبيه عليه, وإذا كان كذلك فذكره الشرط توطئة لذكر السماع.
والجواب عن السؤال الثاني: أنّ في قوله: ((في اللفظ)) مُحرز لمعنى, وذلك أنّ وجود المفعول به مع الفعل قد يكون في اللفظ والمعنى, وقد يكون في المعنى خاصة من حيث كانت مادة الفعل تطلب مفعولًا على الجملة, فضربَ فعل له مفعول يطلبه من جهة معناه, وكذلك أكلَ, وشربَ, وكسا, وأعطَى, وعلِمَ وجهلَ, وسائر ما يطلب مفعولًا به, فهو موجود مع فعله على الجملة, فإن ذُكر تعيّن, وإن لم يذكر فقد عيّنه معنى الفعل من حيث الجملة, وكونه موجودًا في محصول الحكم المعنوي لا في اللفظ لا يمنع إقامة شيء مما ذكر, بل لابد من إقامة ما تعلق بالفعل من ظرف أو مجرور أو غيره, فإذا قلت: ضربْتُ مكانك فقد وُجدَ المفعول به في محصول الحكم لأن ضَرَبَ يطلبه, ولم يوجد في اللفظ, فإذا بُنيَ الفعل للمفعول اُقيمَ الظرفُ مُقام الفاعل؛ إذ ليس في اللفظ ما يُقام سواه, فقلت: ضُربَ مكانُك, ولا يصح أن يقام المفعول به؛ لأنّه غير مذكور. فإلى هذا القصد نحا الناظم, فتحرّز, وهو موضع تحرُّز. ولا يقال: مثلُ هذا لا يتحرّز منه النحوي,