ذُهِبَ بهند, لأنّ المجرور في بناء الفاعل في موضع نصب على المفعوليّة إلا أنّ الفعلَ لم يصل إليه بواسطة حرف الجر, فكأنه مفعول به صحيحٌ, فإذا حُذِفَ الفاعلُ أقيم ما هو في موضع المفعول به, ثم يراعى لفظه فلا يرفع بالفعل وثمَّ طالبٌ بالجر لفظًا لكن يبقى كما يبقى في: بحسْك زيدٌ, ومالي في الدار من أحدٍ, وكفى بالله, وما قام من أحدٍ. فليس (زيدٌ) في: مُرّ بزيد إلا مفعولًا به في المعنى فساغ إقامتُه مقامَ الفاعل, وقد ظهر من هذا أن المجرور صالحٌ للنيابة, وقابل لها, وقد نصّ عليه عينه, فمعنى القابليّة عنده فيه أن يكون في موضع رفع كما كان ذلك في: كفى الله, وما قام من أحدٍ, ولا يلزم تأنيثُ الفعل إن كان مؤنثًا, وإن جاء منه سماع وُقِفَ على محلة كقراءة مجاهد {إن تُعْفَ عن طائفةٍ منكم} الآية, قال ابن جني: حمله على المعنى كأنه قال: إن تُسامَح طائفةٌ, وآنس بذلك قوله: {تُعَذِّب طائفةٌ}.
والثالثة: إقامة المجرور إذا كان مفعولًا له, نحو: ذُهِب بزيد للرضى به, وسِيْرَ به من مخافة عدوانه, وما أشبه ذلك, فالجامعة على جواز ذلك, ومنع من ذلك ابن جني فيما كَتَبَ على الحماسة, حيث قال في قول الحزين الليثي:
يُغْضِي حياء ويُغْضى من مهابته ... فلا يُكَلَّمُ إلاَّ حين يَبْتَسِمُ
: ويُغْضى الإغضاء من مهابته لا بُدَّ من ذلك, ودَلَّ الفعل على مصدره, قال: