أجاز: سِيْرَ سَيْرٌ, وضُرِبَ ضَرْبٌ؛ لأن هذا عنده على غير المصدر المؤكد, بل كأنك قلت: سِيرَ عليه ضَرْبٌ من السير, أو شيء من السير.

ومن النحويين من ذهب مذهبًا ثالثًا فأجاز ان تقول: سِيرَ بزيد سيرٌ, ومنع: سِيرَ سيْرٌ , وهو رأي الصَّيْمَرِي, لكن قاله مع إضمار المصدر. قال ابن ملكون: هذا الذي قاله قد قاله غيرُه من النحويين, والقياس يَرُدّ مالقالوا؛ لان المصدر المراد مع هذه الأشياء -يعني حرف الجر أو غيره مما يتعلق بالفعل- كالمصدر المراد مع عدمها, فإن كان يجوز إسناد الفعل إليه دونها مع وجودها فأحرى مع عدمها, وإن كان لا يجوز مع عدمها لم يجز مع وجودها؛ لأن وجودها لا يوجب الغفادة في الإخبار عنه, التي نفاها مع عدمها, ألا ترى أنه لا فائدة في قولك: مُرّ بزيدٍ, وأنت تريد: مرورٌ, إلا أن ما في قولك: مُرَّ, وأنت تريد: مرورٌ, فإن كان: مُرَّ لا يجوز مع تقدير إسناده إلى المصدر فكذلك: مُرَّ يزيد على ذلك التقدير؛ لاتفاقهما في المعنى, إلا أن في: مُرَّ بزيدٍ زيادة المرور به فقط, وهذا أيضًا لازمٌ إذا أُظهر المصدرُ, فالصحيح ما عليه الجمهور من امتناع إقامة المصدر المؤكد بإطلاق. والله أعلم؛ ولأن المصدر المؤكد لا يزيد فائدةً على ما يفهم من لفظ الفعل, وأما عدم صلاحية اللفظ للنيابة فإن من حقيقة النائب أن يقوم مقام ما ناب عنه في أحكامه كلها, وإذا كان كذلك فما لم يتأت فيه ذلك لا يصح أن يقام, والظرف والمصدر, والمجرور بحسب ذلك ثلاثة أقسام: قسم صالحٌ للنيابة بإطلاق, كالمصدر المبين للنوع, أو المبين للعدد, نحو: ضربتُه ضربًا شديدًا, وضربته ضربتين, فإذا قلتَ: ضُرِبَ صَحَّ أن تقول: ضُرِبَ [ضربٌ] شديد, أو ضربتان, فتُصَيِّرَ المصدرَ مخبرًا عنه, وإن كان ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015