ولا ينوبُ بعضُ هذي إن وُجِد ... في اللفظ مفعولٌ به, وقَدَ يَرٍد

هنا رجع إلى الكلام في سائر ما ينوب عن الفاعل, وذلك ثلاثة أشياء, وهي: الظرف زمانيًا ومكانيًا؛ إذ لم يقيده بأحدهما, فيحمل على إطلاقه, والمصدر, حرف الجر- يريد مع مجروره-, فقال: إن ما كان من هذه الأشياء قابلًا للنيابة عن الفاعل فإنه يقام مقامه, وهو (حَرٍ) أي: خليقٌ بذلك, ومستحق له كما يستحقه المفعول به. وقَيًّد بالقابليّة, لأنها قد لا تقبل النيابة فلا تصح نيابتها, وذلك إما من جهة عدم الفائدة, وإما من جهة عدم صلاحيّة اللفظ لذلك.

أما عدم الفائدة فإذا قلت: سار زيد وقتًا, فوقت هنا لا يقام؛ لأنك لو قلت: سير وقتٌ لم يكن فيه فائدة, وكذلك لا تقول في: جَلَسَ زيدٌ مكانًا: جُلِس مكانٌ, لعدم الفائدة, وكذلك المصدر المؤكد لو أقمته فقلتَ: قيم قيامٌ لم يُفِد, وكذلك المجرور إذا قلت: ذُهِبَ إلى إنسان, وإنما يقام من ذلك كله ما تقع به الفائدة؛ لأن الكلام مبنيٌّ عليها, فلو قلت: سيرَ يومُ الجمعة, أو جُلِسَ مكانُ زيدٍ, أو ضُرِبَ ضربٌ شديدٌ, أو مُرّ بزيد لأفاد, فصحت إقامته. فهذا معنى القابليّة أو عدمها في الوجه الأول. وقد تبين هنا أنه لا يجيز إقامة المصدر المؤكد بإطلاق أظْهِرَ أو أضْمِرَ, فلا يقال عنده: قُعِدَ, ولا ضُحِكَ, على تقدير: قُعِدَ القُعود, وضُحِكَ الضحكُ من غير أن يتقدَّمَه شيء. وقد عزا الزجاجي إلى سيبويه جواز هذا, وردَّ عليه الشراح, وقالوا: إن سيبويه لايجيز إضمار المصدر المؤكد, قال ابن خروف: الذي أجاز سيبويه لا يمنعه بشرٌ, وهو إضمار المصدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015