دنا البين من مي فُِرِدَّت جمالها ... وهاج الهوى تقويضُها واحتمالها
وأما عروض اللبس فلا يتصور اللغة المشهور؛ لأن المضاعف ينفك عند لحاق ضمائر الرفع, فتقول: رددت, ورددنا, ورددن, وإنما يتصور على لغة من يقول في رددتُ: وفي رددنا, رُدْنا وفي رددن: رُدْن, فإذا بنيت للمفعول على هذه اللغة اجتنبت الضم, ورجعت إلى الإشمام أو الكسر, فقلت: رُدنا, ورِدنا, ولا تقول: رُدنا لالتباسه بفعل الفاعل في الأمر. هذا معنى ما أراد إلا أنه قد يفهم من ظاهر كلامه مقابلة الكسر في: قيل للكسر في: حِبَّ, ومقابلة الضم للضم والإشمام للإشمام, وأن من يكسر في: قيل فهو الذي يكسر في حِبَّ, ومن يضم هناك يضم هنا, ومن يشم يشم, وليس كذلك إلا في الإشمام خاصة, وأما من يضم في قيل, فهو الذي يكسر في: حِبَّ ومن يكسر في: قيل هو الذي يضم في: حُبَّ, ولذلك كان الضم هنا أفصح اللغات, ويليه الإشمام والكسر قليل, وكان الأمر في: قيل بالعكس, فاطلاق الناظم أن حَبَّ بمنزلة باع قد يؤذن بخلاف ما عليه الحكم والتنزيل.
قد يجاب بأنه إنما تعرض لمجرد إجازة الأوجه الثلاثة, فقوله: (وما لباع قد يُرى لنحو حَبّ) معناه أن الأوجه الثلاثة في باع جاريةٌ في: حَبَّ, وإنما كان يؤذن بذلك لو قال: وحَبَّ بمنزلة باع في الأوجه المذكورة, أو ما يشعر بأن الضم مثلًا أو الكسر فيهما بمنزلة واحدةٍ, أمَّا حين لم يتعرض لذلك فلا