في التحقير, وهذا بابه واسع.
قال: ((وإنما يعتمد في تحديد الغرض فيه بما يصحب الكلام من أوله أو آخره أو بدلالة الحال, فإن لها في إفادة المعنى تأثيرًا كثيرًا, وكثيرًا ما يعتمدون في تعريف ما يريدون عليها)). هذا ماقال, وهو صحيح, ولا شك أن ما حكى المازني من اجتناب اللبس أقل من عدم اجتنابه؛ إذ من البعيد أن يكون سيبويه يحكى اللغة القليلة ويعرفها ولا يعرف اللغة الكثيرة ولا يذكرها, بل الظاهر أن ما حكى سيبويه هو الأكثر في الكلام, وما زاد المازني بالنسبة إليه قليل, وعند ذلك يكون الاظم قد ارتكب مذهبًا لا قاء لبه, وهو أن يرد جميع اللغات إلى لغة واحدة قليلة مع أن أكثر العرب يخالفونها, والنحويون لا يذهبون إليها. فهذا اعتراض واردٌ عليه, وقد رأيت بخط شيخنا الأستاذ أبي سعيد بن لب-رضي الله عنه- أبياتًا رجزية في شرح هذا اللبس المجتنب والتنكيت على مخالفة سيبويه كأنه كمّل بها هذا الموضع من الرجز, حفظتها من خطه ثم قرأتها عليه, وهي هذه:
مثال ما الضمُّ للبسٍ يجتنب ... في كقاولتُ فقِلتُ في الغَلَب
ومثل زِرتُ واجتنِب كسرًا لدى ... يائي عينٍ مثل: دُنتُ يا فتى
كذا إذا الكسرُ بواو قد أصُل ... في نحو خاف: خُفتُ للمفعول قُل
وسيبوبه لم يرَ اللّبس إذا ... عارضَ وجهًا موجبًا أن يُنبَذا