وإذا أقمتَهُ لم يُفهم ذلك المعنى بحاله كما تقدّم في المفعول له، وأيضاً فإنَّ الحالَ يفارق المفعولَ به في كونه لا يقع إلا نكرة، بخلاف المصدر والظرف.

وأمَّا التمييزُ فإنَّه على تقدير (مِنْ)، وعلى معناها، وإذا أُقيم مُقَامَ الفاعل زالَ ذلك المعنى، كما مَرَّ في المفعول له. هذا إذا فرضتَه مُميَّزاً للمفرد، وإن كان مميَّزاً للجملة نحو {اشتَعَلَ الرأسُ شَيْباً} فهو الفاعل في المعنى، فلا يَصِحُّ أنْ يُبْنَى له الفعلُ بناءً ما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ لأنه نَحْوٌ من بناء الفعل للمفعول مع ذكر الفاعل، وذلك لا يستقيم، وأيضاً فالتمييز يفارقُ المفعولَ به في لزومه التنكير كالحال.

وأمَّا المستثنى فلا يستقيم أيضاً أنْ يُقامَ، لأنَّه يودِّي إلى تفريغ الفعل لما بعدَ (إلا) في الإيجاب، فإذا قلتَ: قام القومُ إلا زيداً، لم يَسُغ أن تقولَ فيه: قِيم إلا زيدٌ، كما لا يستقيم أنْ تقولَ: قام إلا زيدٌ، وأما في النفي فلوقوع اللبْس والإيهام لو قلتَ: ما جاء القوم إلا زيداً، فبنيتَه للمفعول، فقلتَ: ما جيِء إلا زيدٌ لتُوُهِّمَ أنَّه مفعولٌ به، وأيضاً لا يُقامَ إلا ما أشبه المفعولَ به، واتُّسِع في حتى يصير مفعولاً به مجازاً مع بقاء معناه. وهذا متعذِّرٌ في المستثنى؛ إذ لا يُتَسَّع فيه كما يُتَّسَعُ في الظرف والمصدر.

فقد بان أنَّه لا يُقام شيءً من هذه الأمور مُقَامَ الفاعل. ولا أعلمُ في امتناعِ ذلك خلافاً إلا في التمييز، فإن الكسائيَّ نُقِلَ عنه جوازُ إقامته جوازُ إقامته، فأجاز في قولك: امتلأتِ الدارُ رجالاً: امتُلِئَ رجالٌ، وحكى من ذلك: خُذْه مَطْيُوبةً به نفسٌ، وهو الموجوعُ رأسُه، والمسفوهُ رأيُه، ومثلُ هذا لا معتبرَ به مع احتماله خلافَ ما ذُكِر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015