الجمعة، علمتَ أنهما في المعنى ظرفانِ مُتَّسَعٌ فيهما، كما أنَّك إذا قلتَ: زيدٌ ضربتُه، فابتدَأتَه، علمت أنه في المعنى مفعولٌ به، وإن كان مبتدأ في اللفظ، وليس المفعول له كذلك، لأنَّك متى أقمتَه مُقَامَ الفاعل خرج عن أن يكونَ مفعولاً له، ولم يكن عليه دلالةٌ، إذ لا يُعلم مفعولاً له إلا متى كان فضلةً بعد الفاعل يُقَدَّرُ وصولُ الفعل إليه باللام، وهذا المعنى يُبطلُ كونه فاعلاً ويُنافيه، لو قلتَ: أُتِي الإكرام، لم يُفْهَم أنَّك أتيت أمراً من أجل الإكرام، إنّما يُفهم أنه فَعَل نفس الإكرام لا غيره من أجله، فلذلك لم تَصِحَّ إقامتُه. ومن الدليل على صحة ذلك أنَّ (كي) المصدريَّة لا تكون فاعلاً كأَن المصدرية، قال المازني: لأنَّ كي تجيء لعلةٍ، فإذا امتنع ما كان بمعنى المفعول له أنْ يقَعَ فاعلاً، وإن لم يكن على لفظِه، فأنْ يمتنع ما كان مقدَّراً فيه اللام أجدَرُ.

وأمّا المفعول معه فلا يُقامُ أيضاً، لأنَّ كونَهُ مفعولاً معه يقتضي أن يكونَ مع فاعل ليكون مفعولاً معه، فإذا أُقيم لم يكن مفعولاً معه كما لم يكن الأول مفعولاً له، وأيضاً فإذا أقَمتَهُ فإمّا أن تذْكُرَ الحرف الدالُّ على أنه مفعولٌ معه أو لا، فإن لم تذكره لم يدل على ذلك، وإن ذكرته لم يَجُز؛ إذ لا يُسْتَعْمَلُ ذلك الحرفُ إلا على حد ما كان في العطف، وفي العطف لا بُدّ أن يكون تابعاً لمفرد أو جملة، فكذلك هنا، والمتبوعُ هنا محذوفٌ بالفرض فامتنع أن يبقى مع الحرف.

وأمَّا الحالُ فيمتنع إقامته في مُقامَ الفاعل لأنَّه على تقدير: (في [حال] كذا)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015