يعني أَنَّ حَذْف التاء فى باب نعم وبئس -إذا أسند إلى مؤنث حقيقى- حَسَنٌ وليس بقبيح كما يقبح فى غير نعم وبئس إذا قلت: قام المرأة، بل يجوز أن تقول: / نعمت المرأةُ هندُ، [ونعم المرأة هند] وكذلك مثاله: نعم الفتاةُ ونعمت الفتاةُ، كلاهما جائزٌ حسن. وعلّل وذلك بأَنَّ المقصود بالفتاة هنا الجنسُ لا الواحدةُ. ولذلك لزم فى هذا النوع الألف واللام، حسبما هو مقرّرٌ فى بابه. فإذا كان كذلك فاعتبار الجنس من حيث هو جنس خروج عن اعتبار حقيقىّ التأنيث؛ إذ كان المفردُ غير ملحوظٍ من تلك الجهة، فصار اعتبارُ مجرّد الجنس اعتبارَ التأنيثِ غَيْر حقيقىّ. وقد مضى جوازُ الوجهين فيه، فجرى هذا على نسقه فقوله: «لأنّ قَصْدَ الجِنْسَ فيه بَيِّنُ»، يريدُ أَنَّ المفردَ ليس هو المقصود فتلزم التاء، ، إنما المقصود حقيقةُ الجنس، وتأنيثهُ كتأنيثِ الجماعةِ والفرقَةِ غيرٌ حقيقىّ.
فإن قيل: فهذا التعليل يقضى بأن كُلَّ مفردٍ حقيقى التأنيث إذا قُصِد به الجنسُ فيجوزُ فيه الوجهان، إمّا بنصّه على رأىِ جماعةٍ، وإمّا بالمعنى، وهو رأى طائفة أيضًا.
قيل: نَعَمْ، وقد يلتَزمُ ذلك فى كلامة فيقال نحوُ: صارت المرأة خيرًا من الرجل، [وصار المرأةُ خيرًا من الرجل]؛ لأن المعنى فى قولهم: الرجلُ خيرٌ من المرأة. وكذلك ما أشبهه مما تكون فيه الألف واللام جنسيّة.